البحث في الموقع

لقاءات و نشاطات


انطلاقات وقداديس

"من اكل جسدي وشرب دمي له الحياة الأبدية"
(متى 25 : 40)
20/7/2023 كنيسة السيّدة العذراء للسريان الأرثوذكس - برج حمود القيامة عزاءٌ ورجاءٌ
https://youtu.be/SLghn09-Sxs?si=HmoVx_zon9P9grf_

عظة للأب بولس اسكندر
في القداس الإلهيّ من أجل الرّاقدين على رجاء القيامة
في انطلاقة جماعة "أذكرني في ملكوتك"
كنيسة السّيّدة العذراء للسريان الأرثوذكس- برج حمّود
20/7/2023

باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين.
(بشم ابو وبرو وروحو حايو قاديشو حاذ الوهو شاريرو. آمين)

إخوتي، أحبّتي،
نحن مجتمعون اليوم في قدّاس، نأمل أن يكون بداية وانطلاقة في خدمةٍ، فَرِحون أن نتشارك فيها مع جماعة "أذكرني في ملكوتك"، الحاضرة معنا اليوم من خلال عدد من أعضائها.
غاية هذه الخدمة أن ننقل محبّة ورحمة ربِّنا، فتكونا حاضرتان معنا دائمًا.

إنّ الإنجيل الّذي قرأناه اليوم هو من إنجيل يوحنّا الإصحاح 11، وهو يتكلَّم عن إقامة لعازر. في بداية هذا النَّص، نلاحظ أن الربَّ يسوع كان ينتظر مَوتَ لعازر. وعندما مات لعازر، ذهب الربّ يسوع ليُقيمه. عندما وصلَ، رأى الربُّ الموجودِين يبكون على موتَ هذا الشَّاب، فتَحنَّن عليهم، وبكى هو أيضًا لموت لعازر. عندما يقوم الربّ يسوع بعملٍ ما، فهذا يعني أنّ الربَّ يريدنا أن نقوم به نحن أيضًا. إنّ الربَّ يسوع قد تحنَّن على أهل لعازر، إلى حدٍّ دَفع الجموع إلى القول فيه: "انظروا، هذا الّذي كان يُحبّه". وهذه هي النُّقطة الّتي أودّ أن أوضِحَها اليوم، مِن خلال هذه الخدمة الّتي سنبدأ بها اليوم، والّتي ستَتابَع وتستمرّ في الخميس الثاني من كلِّ شهرٍ؛ أيّ أنّه في كلّ شهر، سيكون لدينا قدَّاس مع جماعة "اُذكرني في ملكوتِكَ"، مختَّص بتقديم التعزية.

إخوتي، إن قُلنا عن ذاتِنا أنّنا نُحبِّ يسوع، وأنَّ يسوع يُحِبُّنا، وأنّنا نشعر بمحبّته، فهذا يعني أنّه علينا أن نقوم بما قام به، وهو أن نبكي مع الباكين؛ بعبارةٍ أُخرى، يريد الربّ منّا أن نتضامَن مع الآخرين فنَكون جميعنا كنيسةً واحدة. ولكن، هل يسوع بكى ومات من البكاء؟ لا، أبدًا. صحيحٌ أنَّ يسوع تضامَن مع أهل لعازر، ولكنَّه لم يتوقَّف عند البكاء، الّذي تدفعنا إليه طبيعتنا البشريّة من خلال التضامن مع الحزانى، إنّما اتَّخذ خطوةً أقوى نحو الأمام. إنّ الأمر الأوّل الّذي سأل عنه الربّ يسوع في بيت لعازر هو: أين هو القبر؟ وطلب أن يتمَّ رَفعُ الحجر. ولكن الحاضرين قالوا له: إنّ الـمَيتَ قد أنتَن إذ قد مضى أربعة أيّام على وفاته. غير أنّ الربَّ يسوع قد أصرَّ على رفع الحجر، وتوَّجه إلى مرتا الّتي كانت تبكي أخيها، قائلا لها: "ألا تؤمنِين أنّه إذا آمنتِ ستَرين مجد الله؟".

أقام يسوع لعازر، وبإقامته للعازر، فتَح لنا عيوننا، لنُدرِك أنّ حياتِنا على الأرض ليست رهينة خوفِنا من الموت. قَبْل يسوع، كان هناك خوفٌ دائم عند الإنسان من الموت، وللأسف ما زِلنا إلى اليوم، في حياتنا الاجتماعيّة، متمسِّكين بهذا الخوف، إذ نخاف أن يحدث لنا شيءٌ فنموت. لقد أقام يسوع لعازر، ومن خلالها وَضع أمامنا حقيقة في غاية الوضوح، وهي أنّه لا يوجد شيءٌ اسمه موت يستطيع أن يتسلَّط علينا، إذ لا شيءَ يستطيع أن يمنعَنا مِن أن نُكمِل حياتنا الّتي أعطانا إيّاها الله، عندما يكون يسوع حاضرًا معنا. لذلك، نحن اليوم، نحضر في هذا القدَّاس كي نتذكَّر أنَّ حياتنا مع المسيح، ليست منتهيةً أبدًا، فحياتنا مع المسيح لها استمراريّة: أليس المسيح يسوع الّذي مات وانتظر ثلاث أيّام في القبر قبل أن يقوم؟ إنّ ما قام به يسوع من أجلنا من شأنه أن يُبعِد عنّا كلّ خوفٍ من الموت، بعد الآن. كما فتَح الربّ يسوع عيوننا من خلال ما قام به، على أمرٍ آخر وهو أنّ الحياة الّتي نعيشها اليوم هي "محطّة"، أي أنّها ليست كلَّ شيء، بل هي مجرّد "محَطَّةٌ"، علينا اجتيازها لأنّ الفرح سيأتي لاحقًا، وكذلك حياة أُخرى ستأتي لاحقًا.
إنّ الله لم يَخلقنا كي نعيش لِبِضعِ سنوات، مهما كانت، قبل أن نفنى. إذا كُنّا نحن البشر، نقوم في بعض الأحيان بأفعالٍ ومشاريعٍ، نَحزن لها إذا هُدِمَتْ؛ فكيف الله الذّي يعطي الحياة لـمَخلوقٍ على صورته ومِثاله، بأن يكون مصيره الفناء؟!كيف نستطيع أن نقبلها في عقلنا البشريّ؟! كيف نستطيع، في بعض الأحيان، أن نضعُفَ وننسى أنّنا خُلِقنا لحياةٍ أبديّة؟ كيف نستطيع أن ننسى أنّنا خُلِقنا كي يكون لدينا انتصار؟ إخوتي، علينا أن نتَذكُّر فِعل الخدمة هذه الّـتي نقوم بها، وهي أن نقترب من يسوع ونأخذه في قلبنا وفي كياننا، وأن نتذكَّر المعجزة الّتي قام بها مع لعازر، وأن نتذكَّر الأهمّ منها ألا وهو قيامته بعد الصّليب. علينا أن نتذكَّر دائمًا أنّنا "أولاد القيامة".
اليوم، يُصادف أيضًا عيد مار الياس، ونحن لم نكن قد حضَّرنا لهذه المناسبة. لقد احتفلنا اليوم صباحًا في المطرانيّة بالقدَّاس الإلهيّ في مناسبة عيد مار الياس. ولكن ما هو جميل في احتفالنا اليوم في عيد مار الياس هو أنّنا نضخّ خدمتنا الّتي نقوم بها. إخوتي، لم تنتَهِ حياة مار الياس على الأرض، بل صَعِد في مركبةٍ إلى السَّماء. إذ نظرنا قليلاً إلى هذا الموضوع وفكَّرنا في المكان الّذي صَعِد إليه النبيّ إيليّا، صَعد إلى حياةٍ أُخرى. إنّ مار الياس صَعِد إلى مكانٍ نحن اليوم لا نستطيع أن نصل إليه، وهنا ليس المقصود الموقع الجغرافيّ، بل الطبيعة الأُخرى، الشّكل الآخَر، الّذي نسعى له. إنّ مار الياس قد صَعِد إلى السَّماء لأنّ الله أحبَّه. وبالتّالي، إذا كان لدينا إيمان أنّ الله يُحبُّنا، فإنّنا نعرف أنّه يحفظنا لكي نكون دائمًا في الحياة. هذه هي تعزيّتنا، يسوع هو تعزيتنا، إلهنا الّذي حقَّق لنا بمجيئه على الأرض وبِتَعليمه، وأفعاله وصليبه وقيامته، رؤيةً جديدةً، نحن مدعوِّين كي نحملها دائمًا.هذا ما أصلِّيه كي يكون دائمًا معنا.
في نهاية القدّاس وحتّى قبل نهاية القدَّاس، سنَتلو معًا صلاة لأجل الرّاقدِين، هذه الصّلاة المخصَّصة لجماعة "أذكرني في ملكوتِكَ". وفي نهاية القدَّاس، سيكون لدينا وقفةٌ مع هذه الجماعة، أُحبُّ أن نكون جميعًا حاضرين فيها، وأن نُعطي انتباهنا لهذه الجماعة الّتي ابتدأت بهذه الخِدمة، فنرى كيف بدأت، وما هي أصداءها في عالم اليوم.
ملاحظة: دُوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرُّف. تتمة...
9/11/2022 مزار القديسة رفقا - حملايا، المتن أذكرني في ملكوتك
https://youtu.be/A0hQraRsyhQ

عظة االمونسنيور غابي مطر
في القدَّاس الإلهيّ من أجل الراقدين على رجاء القيامة
في انطلاقة جماعة "أذكرني في ملكوتك"
في مزار القدّيسة رفقا – حملايا

9/11/2022

مساء الخير،
كم جميلٌ أن نجتمع اليوم، وخصوصًا في الأربعاء الثاني من كلّ شّهر، في بداية نشاطٍ جديدٍ في هذا المزار، مزار القدِّيسة رفقا برعاية لجنة الوقف، اسمه "أذكرني في ملكوتك". إنّ مؤسِّس هذه الجماعة هو يسوع، وتلك السّيدة الّتي تَقِف خلف الكاميرا هي الّتي ساعدَتْ يسوع على تأسيس هذه الجماعة، المنتشرة في بلدان مختلفة من العالم، من لبنان إلى بِنَين، وبلجيكا وإيطاليا وفرنسا، وفي كلّ أنحاء العالم. إنّ هدف هذه الجماعة هو أن تدفعنا إلى الصّلاة من أجل راحة أنفس موتانا، ولكن أيضًا الصَّلاة من أجل النُّفوس المنقطعة، الّتي لا يذكرهم أحد. فرِحتُ كثيرًا عندما أتَتْ إليّ امرأةٌ قائلةً لي إنَّ جارتها قد تُوفِيَت وأنَّ لا أحد يذكرها من عائلتها في صلاته، وطالبةً إليّ أن أقدِّم القدَّاس على نيّتها. هذا هو هدف هذه الجماعة: أن تُصلّي من أجل أنفس الموتى المنقطعين.

لماذا نُصلِّي لأمواتنا؟ نصلِّي لهم لِعِدَّة أهداف:
الهدف الأوّل هو كي نقول لهم شُكرًا على كلّ ما قدَّمتموه لنا في هذه الحياة الّتي نعيشها، فنحن موجودون بصحّتنا العقليّة والفِكريّة والجسديّة والنفسيّة والرّوحيّة بِفَضلِهم. هذه هي الطريقة الوحيدة الّتي نستطيع من خلالها شُكرِهم على عملِهم. قد يكون هناك طريقةٌ أُخرى نشكرهم فيها على ما قاموا به لأجلِنا من خلال المحافظة والسّير على القِيَم والمبادئ الّتي علّمونا إيّاها.
الهدف الثاني هو كي نحافظ على تلك الصِّلة الّتي تجمَع بيننا وبينَهم، إذ إنّنا لا نستطيع رؤيتهم ولا الكلام معهم إلّا من خلال الصّلاة. إنّ عالَمَنا اليوم، أي الكُرّة الأرضيّة بأسرِها، مرتبطٌ بعالَمٍ آخَر، هو الحياة الثانية الّتي انتقل إليها أمواتنا.
نحن نُصلِّي لأجل راحة أنفس موتانا، ولكن إذا كان موتانا، لا سَمَح الله في جهنّم، فإنّ صلاتنا لن تُفيدهم، لأنّهم كانوا على هذه الأرض أشرارًا، وقاموا بأذيّة الآخَرين، وماتوا من دون القيام بأيّ فِعل توبة. لذلك فَإنّه مَهما صلَّينا لهم، لن يستفيدوا مِن صلاتنا لأنّ بَيننا وبَينهم "هوَّةٌ عميقة". أمّا أمواتنا الموجودون في المطهر- وهُم يشكِّلون غالبيّة الموتى- فهؤلاء يستفيدون من صلاتنا لأنّهم كانوا في حياتهم الأرضيّة أشخاصًا مؤمنِين، يُحبُّون الله ويحبُّون المسيح ويحبّون الكنيسة، غير أنّهم أخطأوا في حياتهم ولكنَّهم تابوا، وعليهم التكفير عنها كي تُصبح روحهم كاملة، فتنال الراحة الأبديّة. إخوتي، إنَّ موتانا انتقلوا إلى مرحلة المطهر، إلى حالة المطهر: وفي هذه الحالة هُم يشبهون إنسانًا نائمًا يَحلُم في بعض الأحيان أحلامًا جميلة وفي أُخرى مزعجة، ولكن من المفروض أن تكون كلّ أحلامه جميلة. لذلك، علينا أن نثابر على الصّلاة من أجلهم كي يستفيدوا، فيستفيدوا منها وينتقلون من المطهر إلى السّماء. تمامًا كما يحصل معكم حين أُسلِّم عليكم، فتفرحون؛ كذلك هُم يَفرَحون في كلّ مرّة نُصلِّي لهم إذ إنّهم ينتقلون من حالة المطهر، وهي حالة ممزوجة بالفرح والكآبة في الوقت نفسه، إلى حالة السَّماء، وهي الحالة الّتي نطمح إليها جميعنا.
مَن يذهب إلى السّماء من بيننا؟ القدِّيسون: القديسة رفقا، القدِّيس شربل، القدّيس نعمة الله الحرديني، القدِّيس يعقوب الكبوشي. إنّ كلّ هؤلاء الأشخاص وسِواهم أيضًا، قد ناضلوا، وجاهدوا، وصارعوا في هذه الحياة، كي يحافظوا على المبادئ والقيَم. إنّ هؤلاء قد دافعوا عن حقوق الإنسان وعن حريّته، وقد عملوا من أجل نمو الإنسان والبشريّة وماتوا وهُم في هذه الحالة، أي من دون أن يُغيِّروا حياتهم هذه. كُلُّنا خطأة، وهُم كانوا خطأةً أيضًا على هذه الأرض، ولكنَّهم ناضلوا ولم يستسلموا في هذه الحياة: فَهُم لَم يَروا ظُلمًا وسكتوا عنه، ولم يَروا فقيرًا إلّا وساعدوه، حتّى وإن كان ذلك على حساب راحتهم، تابعوا مسيرَتَهم في هذه الحياة وحَمَلوا صليبهم مع يسوع المسيح فصاروا قدِّيسِين. إنّ هؤلاء، حين يموتون على هذه الأرض، ينتقلون إلى حالة السّماء. وحين نُصلِّي لهم، فَهُم لا يستفيدون من صلاتنا لهم لأنّهم في حالة السّماء، غير أنّ هذه الصلّاة ترتَّد علينا فنستفيد نحن منها. فصلاتنا لهم تعود إلينا، نحن الذين لا زِلنا على هذه الأرض، فتُعزِّينا وتقوِّينا في الجهاد الرُّوحيّ الّذي نعيشه.

وأعتقد أنّه لأجل ذلك، نشأت هذه الحالة أو بالأحرى هذه الحركة، المسمّاة جماعة "أذكرني في ملكوتك". يُقال إنّ لصّ اليمين هو الّذي قال هذه الصّلاة ولكن في الحقيقة، مِن غير المعروف أيٌّ من اللِّصَين قالها، أكان لصّ اليمين أو لصّ اليسار، أي أنّها صَدرَتْ عن أحد اللِّصَين المصلوبَين إلى جانب المسيح، أي أنّها صَدَرَت عن إنسانٍ خاطئ. إنّ هذا اللّص، حين رأى أنَّ يسوع المصلوب على الصّليب بَريء، لأنّه لم يرتكب أيّة خطيئة، بل كان يساعد جميع المحتاجين إليه، وقد اضطُهِد وصُلِب وكُلِّلَ بالشّوك من قِبَل اليهود، أدرَك هذا اللِّص حينها أنَّ يسوع المصلوب إلى جانبه هو ابن الله ومخلِّصُ العالَم، فالتجأ إليه قائلاً له: "أُذكرني يا ربّ متى أتيتَ في ملكوتِك" (لو 23: 42). إذًا، لقد طلب هذا اللِّص، الّذي يُدرِك أنّه خاطئ، مِن الربّ يسوع أن يذكره الربّ في ملكوته. فقال له يسوع: "اليوم تكون معي في الفردوس"(لو 23: 43).
إنّ هذه الجماعة، جماعة "أذكرني في ملكوتِكَ" نشأتْ نتيجةَ معاناةٍ نابعة عن اختبار سرّ الموت. حين يموت أحد أحبّائنا، وخصوصًا إن كان المنتقل من بيننا، لا يزال فتيًّا أو شابًا، ننهار ونُحبَط، ونتضايق ونيأس، والبعض منّا يَصِلون إلى حدّ الكُفر، ويخاصمون القدِّيسِين لأنّهم لم يتمكنّوا من فَهم سبب حدوث ذلك معهم.
والحال أنّه إذا فكَّرنا أنّ كلّ ما نملك: أيدَينا، أرجُلِنا، عيوننا، عقلنا، تفكيرنا، ثقافتنا؛ لم نَخلُقها نحن، بل هي نِعَمٌ أعطانا إيّاها الله، أتَتْ مِنه وتعود إليه مجددًّا من خلال الموت. وهنا نطرح السُّؤال: ما المشكلة، إذا خَسِرنا أحد أحبّائنا بالموت؟ ولماذا تُعجَبون بأنفسِكم؟ فأنتم لم تخلُقوا ذواتِكم. "الله أعطى والله أخَذ فليكن اسم الربِّ مبارَكًا" (أي ). فحسب تصوُّري، هذه الجماعة نَشأتْ من أجل أن تَبُثَّ الرَّجاء والعزاء في قلب الإنسان، كي لا يبقى الإنسان مُحبَطًا معتقدًا أنّه خَسِر شخصًا كان له. أولادنا ليسوا لنا، الله أعطانا إيّاهم كي يعودوا في النِّهاية إليه، مُتَطوِّرين، كاملِين، قدِّيسِين.
بالطّبع، نحن نشكرُكِ، بمعنى أنّنا نقدِّر العمل الّذي تقومِين به، كما نَشكُر السّيدة مارغو الصَّياح، جارَتنا، في رعيّة مار ضومط - عين الخروبة، الّتي أصرَّت عليّ كثيرًا من أجل تأسيس هذه الجماعة، فتَواصَلَتْ مع السّيدة جولِي، وهي مندوبةٌ من قبَل الجماعة وفي الوقت نفسه مسؤولةٌ معنا في الرعيّة، تعمل على التَّنسيق مع لجنة الوقف في الرعيّة من أجل القيام بهذا النَّشاط الجميل. إنّ السّيدة جُولي إضافةً إلى مَن يعاونها، يقومون بتسجيل أسماء أمواتنا عند باب الكنيسة في الأربعاء الثاني من كلّ شهر، كما يتلَّقَون اتصالاتٍ منكم من أجل تسجيل أسماء أمواتكم، ليُصلّوا من أجلهم، فيَتمكَّن هذا المنتقل من بيننا، أن يقول ليسوع المسيح "أذكرني يا ربّ متى أتيتَ في ملكوتِك". آمين.
ملاحظة: دُوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرُّف. تتمة...
17/9/2022 مزار مار شربل - حمانا، المتن عيد الصليب المقدّس
https://youtu.be/A7jx98ZMWUI

عظة الأب شربل عساف
في انطلاقة جماعة "أذكرني في ملكوتك"
بالقدَّاس الإلهيّ من أجل الرَّاقدين
كنيسة مزار القدّيس شربل - حمانا، المتن

17/9/2022

في هذا المساء المبارك، في هذا المزار، مزار القدّيس شربل، نحتفل بعيد الصّليب المقدَّس، ونحن لا نزال في مطلع زمن الصّليب. وها نحن اليوم نُكرِّم صليب يسوع المسيح القائم من بين الأموات. إنّ هذا الصّليب لا يرتبط أبدًا بالألم والموت، فالصّليب قَبْل أن يُصلَب عليه الربّ يسوع المسيح كان أداة للتّعذيب، كما كان أداة للعار. إنّما يسوع المسيح الذي صُلِب على هذا الصّليب وقام من بين الأموات، حوّل هذا الصّليب إلى نبع الحياة ونبع الأنوار، منه نستمدّ كلّ معونةٍ ونحارب الشّر الموجود في هذا العالَم. إنّ الصّليبَ سلاحُنا به نواجه كلّ شخصٍ يريد أذيّةَ الآخر. فلا نخافنّ أبدًا مِن أن نرسم إشارة الصّليب، ولا نشكَّنَّ أبدًا في إيماننا بأنّ هذا الصّليب هو فخرُنا وهو خلاصُنا، وهو الّذي سَيوصِلُنا إلى يسوع المسيح. لا تخافوا أبدًا مِن حَمل الصُّلبان في حياتكم، احملوها بفرحٍ ومحبّةٍ لأنّ مَن يحمِل صليبَه بِفَرحٍ ومحبّةٍ وإيمانٍ، يكون على ثقة أنّه سيصل إلى الربّ يسوع.

إنّ الإنجيل الّذي سمعناه يتكلّم على الدّينونة، وهذا هو جوّ كلّ زمن الصّليب، الّذي يذكّرنا بأنّه هناك حساب: هناك ثوابٌ وهناك عقابٌ. ويتكلّم هذا الزّمن على أنّ الربّ يسوع سيأتي في المجيء الثاني ليَدين الأحياء والأموات. وعلى الإنسان أن يختار بين أن يكون إمّا من أبناء النُّور وإمّا من أبناء الظّلمة. الربّ لن يحاسب الإنسان على أعماله، إنّما الإنسان نفسه سيُحاسَب أمام الربّ على أعماله: فإن كان الإنسان يسعى إلى عمل المحبّة ويعيش المحبّة مع الآخر، سيَكون حتمًا من أبناء النُّور؛ ولكن إن لم يسعَ في حياته إلى السّلام وإلى احترام الآخر وإلى كلّ ما يؤدِّي إلى الصّلاح، فهو حتمًا لن يكون من أبناء النّور. لذا، علينا أن نَسير، بمعونة ربّنا حامِلِين صليبَه، دربَ الملكوت كي نلتقي به في الملكوت الأبديّ. فالإنسان، يا أحبّائي، عليه أن يختار إمّا أن يكون مع يسوع المسيح، وإمّا أن يكون خارج حظيرة يسوع المسيح. حياتنا على هذه الأرض، هذه المسيرة الّتي نعيشها، لها نهاية؛ إنّما الحياة مع الربّ يسوع، الحياة الأبديّة، لا نهاية لها، فهناك السّعادة والفرح، هناك اللِّقاء الحقيقي، لذا علينا الاستعداد لهذا اليوم، يوم اللِّقاء الأبديّ بالربّ، والتحضير له في كلّ يوم من حياتنا؛ وإذا أغفلناه ولم نحضِّر له، فإنّ السّيدة مارغريت ومِن خلالها جماعة "أذكرني في ملكوتك" ستُخبرنا عن هذه الجماعة التي تصلِّي من أجل أمواتنا الرّاقدين بالربّ كي يتمتّعوا بالمجد الأبديّ. إنّ هذه الجماعة تساعد كنيسة الأرض كي تتَّحِد بكنيسة السّماء. هذا ما عاشه القدِّيس شربل على جلجلة عنايا، إذ اختار طريق النّور، واختار أن يحمل الصُّلبان، أن يحمل الألم وأن يُضحِّي بأمور كثيرة في حياته وأن يعيش الإماتة، وأن يرجِع إلى نفسه وأن يُقرِّب ذاته قربانًا حيًّا للربّ يسوع ويسعى إلى عمل المحبّة، حتّى يلتقي بالربّ يسوع. ها هو القدِّيس شربل يتمتّع بالمجد الأبديّ، إنّه مثالٌ وشفيعٌ لنا كي نكون على مثاله ساعِين كلّ يوم في حياتنا كي نلتقي بمار شربل. من المهمّ جدًّا أن نتشفّع للقدِّيسين ومن المهمّ جدًّا أن يكون لدينا الإيمان بقدرة ربِّنا وبشفاعة قدِّيسيه، ولكنّ الأهمّ هو أن نعمل على حياتنا كي نعيش مع شربل القدِّيس في الملكوت السّماوي، فنرى الربّ، وجميع القدِّيسين ومنهم القدِّيس شربل في المجد الأبديّ.

عسى أن يكون هذا المساء، مساء هذا الأحد المبارك، مساءً خيًّرا ومباركًا وفَرَحًا دائمًا بالربّ، نسعى فيه إلى أن نحبّ بعضًا البعض ونُسامح بعضنا البعض. ونعيش مع ربِّنا يسوع الذي نراه يوميًّا في أخينا الإنسان. آمين.

ملاحظة: دُوِّنت العظة من قِبَلنا بتصرُّف. تتمة...
5/12/2019 كنيسة مار الياس - عين عار، المتن يطلب منَّا الربُّ عيش الرَّحمة تجاه بعضنا البعض
https://www.youtube.com/watch?v=0MKJMz6B3WQ

عظة الخوري أنطوان بو نجم
في القدّاس الإلهيّ من أجل الراقدين على رجاء القيامة
في انطلاقة جماعة "أذكرني في ملكوتك"
كنيسة مار الياس- عين عار، المتن


5/12/2019

باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

في أسبوع الزِّيارة، يُخبرنا إنجيل اليوم عن زيارة الربّ يسوع برحمته لمتّى الإنجيليّ؛ واسمه أيضًا لاوي، وقد طلب منه الربَّ أن يترك كلّ شيءٍ ويتبعه، ففَعل. يدفعنا هذا النَّص الإنجيليّ إلى طرح السؤال حول سِرّ المسيح يسوع الّذي يدفع بالخطأة إلى اتِّباعه، وخصوصًا أنّ لاوي كان على مِثال زكَّا، عشَّارًا أي صاحب أموالٍ كثيرة. إنَّ سرّ المسيح يسوع هو المحبّة والرَّحمة. منذ سنواتٍ قليلةٍ مضَت، كرَّس البابا فرنسيس سَنةً من أجل الرَّحمة. واليوم، أكثر مِن أيِّ يومٍ مَضى، يطلب منَّا الربُّ عيش الرَّحمة تجاه بعضنا البعض، خصوصًا في هذه الظّروف التي نعيشها في وَطننا، المبنيّة على تراشق الاتِّهامات وتبادل الشّتائم، والرَّفض للآخر وعدم قبوله. في ظلّ هذه الظروف المتشنِّجة الّتي نعيشها، يطلب منّا الربُّ رحمة بعضنا البعض كما رَحَم هو زكّا العشار، ومتّى اللّاوي، اللّذين كانا عشّارَين وخاطئَين . وهنا نطرح السُّؤال على أنفسنا: ما الّذي يؤخِّرنا عن عيش الرَّحمة تجاه بعضنا البعض؟ إنّ الرَّحمة مطلوبةٌ منّا نحن بشكل خاصّ، نحن الملتزمون الصّلاة والمواظبون على المشاركة في القداديس، والمثابرون على المناولة المقدَّسة، فنحن نسمع كلمة الله، ومدعوّون لعيشها في حياتنا اليوميّة.

في القدَّاس الإلهيّ الّذي نحتفل به اليوم ونذكر فيه موتانا، نحن الّذين نطلب الرَّحمة لموتانا عند رُقادهم قائلين: "رَحِمَه الله"، قد استبدلناها بعبارةٍ أخرى في هذه الأيّام، هي "المسيح قام، حقًّا قام". مِنَ الـمُهمّ طلب الرّحمة لأمواتنا من الله، ولكن هذا لا يعني أنَّ الله سيَرحَم أمواتنا بسبب صلواتنا لهم، فالله سيَرحم أبناءه الرَّاقِدين، سواء طَلبْنا لهم الرَّحمة أم لَم نطلبها لهم. من المفيد ترداد عبارة "رَحِمَه الله"، لنتذكّر أنَّ الرَّحمة يجب ألّا تكون فقط نابعة من الله تجاهنا، إذ إنّنا نحن أيضًا مدعوّون لرحمة بعضنا البعض. وإنَّ احتفالَنا اليوم هو احتفال بالرَّحمة، إذ عندما يذكر المؤمِن موتاه، هو لا يطلب من خلال صلاته الرَّحمة لهم، كأنَّ الله عاجزٌ عن رَحمة أبنائه المنتَقِلِين من دون صلاتنا، وبالتّالي نحن لا نُصلِّي كي يغفر الربُّ خطايا إخوتنا الرَّاقدين، فالربُّ سيَغفر لهم من دون حاجتهم إلى صلاتنا، ولكن في صلاتنا لأجل موتانا، في القدَّاس الإلهيّ، نحن نحتفل بهذه الرَّحمة الإلهيّة ونشكره عليها، إذ من دون رحمته، لَكُنّا نَهَلِك جميعًا. نحن الحاضِرون هنا، متَّكلون على رحمة الله، فكَم بالحَريّ الإنسان الخاطئ! وفي هذه الظروف الصَّعبة الّتي يمرُّ بها وطَنُنا الحبيب، لا يكون الحلُّ بالتراشق الكلاميّ، إنَّما بِعَيش الرَّحمة تجاه بعضِنا البعض. للمسيح المجد. آمين.

ملاحظة: دُوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرُّف. تتمة...
5/10/2019 كنيسة مار يوحنا الرسول - مونتريال، كندا على المؤمِن أن يكون دائمًا في حالة الجهوزيّة
https://www.youtube.com/watch?v=IzRusco7LLg&t=50s

عظة الأب شربل جعجع
في انطلاقة جماعة "أذكرني في ملكوتك"
بالقدَّاس الإلهيّ من أجل الرَّاقدين
كنيسة مار يوحنّا الرسول- مونتريال، كندا

5/10/2019

باسم الآب والابن والرُّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

أخواتي وإخوتي الأحبّاء،
في هذا المساء المبارك، نحييكم ويسعدنا أن نُطلِق في رعيّتنا تذكار الموتى. ويُشرِّفنا أن نستقبل فيما بيننا جماعة "أذكرني في ملكوتك". انطلقت جماعة "أذكرني في ملكوتك"، كما سَمِعنا في مقدِّمة القدَّاس، نتيجة تساؤل أحد المؤمِنِين حول الحياة الأبديّة وعن القيامة.

واليوم، يُحدِّثنا الإنجيليّ يوحنّا، شفيع رعيّتنا، عن الأمانة للربّ، فَذِكرُنا في الملكوت السَّماويّ، هو نتيجة عيشِنا في هذه الحياة الأمانة لعطيّة الله.
أريد أن أتأمَّل وإيّاكم، انطلاقًا من هذا الإنجيل، في أَمرَين: أوَّلاً، تعيين السيِّد العَبدَ بدلاً منه، إذ يقول لنا الإنجيل: "من هو العَبد الأمين الحكيم الّذي أقامه سيِّده (متّى 24: 45)؛ ثانيًا: مجيء السيِّد في ساعةٍ لا يعرِفها العبد، وما هذا إلّا للدّلالة على جهوزيّة هذا الأخير.

هناكَ مَثَلٌ لبنانيّ يقول:"مَن أمَّنَك على مالِه، أمَّنَك على حالِه". يُردِّد لنا الإنجيليّ يوحنّا كلام الربِّ يسوع ليقول لنا إنّ الله يثق بنا لدرجةٍ كبيرة، إذ أعطانا سُلطانًا على كُلِّ شيءٍ، وبالتّالي لَم نَعُد عَبيدًا لله، إنّما شُركاءَ له. عندما يتشارك اثنان في موضوعٍ مُعيَّن أو في تجارة معيَّنة، فإنَّه يُصبح لكلِّ واحدٍ منهما الحقَّ في التصرُّف في الموضوع الّذي يجمع بينهما. مِن فَيضِ حبِّه، خلقَنا الله، وأعطانا سُلطانًا على كلِّ شيءٍ، وأعطانا الحريّة للتصرُّف في هذا العالم انطلاقًا من الإمكانيّات الّتي زرعها فينا. وهنا يُطرَح السُّؤال: هل نحن مُدرِكون فِعلاً لـحُبِّ الله لنا، هذا الـحُبّ الّذي قاده إلى الثِّقة بنا؟ إنَّ حُبَّ الله العظيم لنا قَد دَفعه إلى تسليمنا ذاتِه من خلال القربان الأقدس وَقَدْ سَلَّطنا عليه.

وأقامه على أهل بيته: وهنا أودُّ طَرح السُّؤلك هل رأيتم يومًا أُمًّا تُعطي وكالةً لأحدٍ على أبنائها؟ بالطَّبع لا، وأُضيفُ قائلاً: إنَّ بعض الأُمّهات يرفِضْنَ ولا يَثِقْنَ بأزواجِهنَّ في مسألة الاهتمام بالأبناء. من هنا نكتشف عظمة محبّة الله الّتي دَفَعته للاتِّكالِ علينا إذ سلَّمنا ذاته قربانًا. نعم، أحبّائي، هذا هو سببُ فرحِنا وتَعزيَتِنا، عندما نُدرِك حُبَّ الله لنا، ونعيش حياتنا انطلاقًا من الثِّقة الّتي أعطانا إيّاها، مُفعِّلين حبَّه في حياتنا. إنَّ الحبَّ ليس مجرَّد عواطف ومشاعر، إنَّما هو مشروعٌ تكامل. فحين أتكامل مع إخوتي في هذه الحياة، أعيش وصيَّة الله لنا مع الآخر، الّذي وَضَعه الله في موضع مسؤوليّة في حياتنا، أكان بابا روما أم كاهنًا، أبًا أم أمًّا، طبيبًا أم سائقَ إجرة، فعندما أعيشُ دَعوتي في مِلئها، في المكان الّذي أنا موجودٌ فيه، أستطيعُ عندئذٍ أن أعيش أمانتي للحُبّ. إنَّ موتانا الّذين نتذكَّرهم اليوم، أو بالأحرى نعيشُ ذِكراهم، هم أشخاصٌ قد عاشوا أمانتهم للربّ في حياتهم، وأصبحوا أمام الحقيقة المطلقة، ولهذا السَّبب نحن نطلب شفاعتهم.

إذًا، في هذه المحطَّة التَّأملية الأولى، علينا أن نتذكَّر دائمًا أنَّ الله يُحبُّنا ويثق بنا، وهو متَّكل علينا، وبخاصّة على الشَّباب والصّبايا من بيننا. وبالتّالي، علينا أن نتجاوب مع محبَّته وثقتِه بنا من خلال عَيشِنا الشَّراكة والتّكامل مع إخوتنا الّذين نلتقي بهم في هذه الحياة.

ويأتي سيِّدُ ذلك العَبد في يومٍ لا ينتظره، وساعةٍ لا يَعرِفها (متّى 24: 51): في الرِّسالة الّتي تُلِيَت على مسامِعنا اليوم، يقول لنا بولس الرَّسول: "أمّا الأزمنة والأوقات أيّها الإخوة، فلا حاجة بكم أن يُكتَب في شأنها (1 تس 5: 1). لا يستطيعُ الإنسان أن يعلم تلك السّاعة، لأنَّ علاقتنا هي مع الله، الّذي هو خارج الزّمان والمكان. إنَّ الزَّمان هو مهمٌّ بالنّسبة للإنسان؛ أما بالنِّسبة لله، فلا أهميّة للزَّمان، إذ إنَّ ما يهمُّه هو الإنسان. في بعض الأحيان، عندما تعترِضنا صعوبة، نقول في نفوسنا: ما الّذي ينتظره الله كي يتدخَّل ويَضَع حدًّا للمشكلة الّتي نواجهها؟ إنَّ الانتظار مرتبطٌ بعامل الوقت، أمّا الخلاص فَهو مرتبطٌ بالله، فَهو لا يتدخَّل إلّا حينَ يجد أنَّ تلك النُّفوس قد أصبحت حاضرة للخلاص. إنَّ زَمَن الله مرتبطٌ بوَعده لنا، أمَّا زمن البشر أي الوقت، فَهو مرتبطٌ بالتّاريخ. إنَّ الجهوزيّة المطلوبة منّا، تقوم على عَيْشِنا واجبَ اللَّحظة الحاضرة. فعلينا على سبيل المِثال: اعتبار قُدَّاسنا اليوم الّذي نُشارِكُ فيه هو القدّاس الأخير لنا على هذه الأرض، فنعيش هذا القُدَّاس كأنَّه آخرُ عملٍ نقوم به على هذه الأرض. وعندما يشعر الإنسان المؤمِن أنَّ ما يقوم به هو عملُه الأخير على هذه الأرض، فإنّه يقوم به على نحو أفضل، إذ تتغيَّر رؤيته الدَّاخليّة لهذا العمل. أن أعيش واجب اللَّحظة الحاضرة، يعني ان أعيش كلّ لحظة من حياتي على هذه الأرض، كأنَّها أوّل لحظة من حياتي الأرضيّة وآخر لحظةٍ فيها، وبالتّالي عليّ ان أعيشَها بقداسة. وهكذا أكون على استعداد لمجيءِ الربِّ في السّاعة الّتي يختارها هو. في أحد الأيّام، فيما كان يلعب معهم، سأل القدِّيس فرنسيس الأطفال ماذا يفعلون إذ جاء الربُّ اليوم ليأخذهم معه. فقام كلُّ واحدٍ منهم يستعدُّ عبر توديع أحبّائه، أو تحضيره الطّعام الأرضيّ، استعدادًا للذّهاب مع الربِّ. غير أنَّ واحدًا من هؤلاء الأطفال بَقيَ مُسمَّرًا في أرضِه، فسأله القدِّيس فرنسيس عن السَّبب، فأجابه إنّه ينتظر قدوم الربِّ، لأنّه يقوم بكلِّ شيءٍ على أكمل وجه، ولا يحتاج إلى شيءٍ، لذا هو مستعدٌّ للذّهاب مع الربِّ. إذًا، على كلِّ مؤمِنٍ أن يسعى كي يقوم بكلِّ ما هو مقتنعٌ به، فيَظهر من خلاله مَجد الله، وحضوره الكامل فيه.

في خلاصةٍ لِما قُلناه: إنَّ الأمانة لله واجبٌ علينا تجاه الله. فإنّنا ولو كُنَّا غير أمناء لله، غير أنَّ الله يبقى أمينًا لنا، لأنّه هو هو، أمسِ واليوم وإلى الأبد، إله الحُبِّ الّذي لا يتغيَّر. إنَّ حُبَّ الله للبشر ثابتٌ، ونحن ثَمَرَته. لذلك، علينا في كلِّ يومٍ أن ننظر إلى ذواتنا في المرآة، فنُدرِك أنّنا حُبّ الله في هذا العالم. إنَّ أمواتنا، الّذين سبقونا إلى الملكوت، قَد نَضُجَ فيهم حُبُّ الله، لذلك استحقُّوا أن يكونوا القمح الموضوع على المائدة السَّماويّة. على المؤمِن أن يكون دائمًا في حالة الجهوزيّة في هذه الحياة للقاء الربِّ، فيقوم بكلِّ أعماله كأنّها عَمَلَهُ الأخير في هذه الأرض، فتكون هذه اللَّحظة لحظةً يتمجَّد فيها الله وتُظهر كماله، وتكون لِما فيه خيرُ البشر.

في الختام، في هذا المساء، أرفع صلاتي مجدَّدًا إلى الله من أجلِ نواياكم إخوتي الحاضِرين ههنا، كما أطلب شفاعة جميع الموتى، هم الجالسون في حضن الله، نبع الحقيقة والحبّ، فنتمكَّن من خلالهم الحصول على نعمة التمييز في أعمالنا البشريّة فنستحقَّ في يومٍ من الأيّام، مجد السّماء مع أمواتنا أمام الربِّ يسوع، له المجد إلى الأبد، آمين.

ملاحظة: دُوِّنت العظة من قِبَلِنا بتصرُّف. تتمة...
11/8/2019 كنيسة مار يوسف - العدوسية إنّ التَّجلِّي يجمع الموت إلى القيامة
https://www.youtube.com/watch?v=7WqbMsexsAU

عظة صاحب السيادة
المطران شكر الله نبيل الحاج السامي الاحترام
في القدّاس الإلهيّ من أجل الراقدين على رجاء القيامة
مع انطلاقة جماعة "أذكرني في ملكوتك"
في كنيسة مار يوسف- العدوسية
شارك في الاحتفال بالذبيحة الإلهية الأب يعقوب صعب، خادم الرعية

11/8/2019

باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

في الأحد الثَّاني من هذا الشَّهر، نُصلِّي من أجل موتانا جميعًا. وأتصوَّر أنَّ هذا الإنجيل الّذي تُليَ على مسامِعنا هو الإنجيل الّذي نبحث عنه، كي نفهم معنى الموت.
إنّ الـمَثَل اللّبنانيّ يقول "البكاء على رأس الميت"، وما البكاء على الميت إلّا تعبيرٌ عن عاطفتنا تجاهه. إنّ بكاءنا على الميت لا يعني أنّه علينا الإصغاء فقط إلى صوت عاطفتنا، إنَّما أيضًا إلى صوت الإيمان. إنّ الإصغاء إلى صوت الإيمان في داخِلنا، هو تصديق ما لا نراه واعتباره حقيقة. إنّنا نبكي على موتانا، عندما يُصبح حدث الموت حقيقة مرئية لعيوننا البشريّة. إنَّ حواسنا تجعلنا ننظر إلى حَدَث الموت، نظرةً بشريّة، فتَدمع عيوننا لفقدان موتانا؛ أمّا الإيمان فيجعلنا ننطر إلى الموت بطريقة مغايرة، فيبعث فينا الرَّجاء، إذ يذكِّرنا أنّ الإنسان الّذي يموت مع المسيح سيقوم معه وسينال المجد الأبديّ في السَّماء.
يشرح لنا إنجيل اليوم (مر9: 1-7) بوضوح حدَث الموت، إذ يُخبرنا أنّه عند تجلِّي الربِّ على الجبل أمام تلاميذه، وافاه النبيّ موسى وكذلك النبيّ إيلِّيا. إنَّ حضور هذين النَّبيَّين للربّ على جبل التجلِّي ما هو إلّا دليل على أنَّهما حَيَّان مع الربِّ على الرُّغم من غيابهما الحسيّ عن حواسِنا البشريّة. إنَّ عودة هذَين النبيِّين من السَّماء إلى الأرض لموافاة الربِّ يسوع، ما هو إلا تذكيرٌ للربِّ بموته الأرضيّ، وعودته إلى السَّماء. إنّ حضور هذَين النَّبيَّين يهدف إلى تشجيع الربِّ الّذي يتحضَّر للموت إلى عدم الخوف منه، وقد عَبَّر الربُّ عن خوفه من الموت حين قال في بستان الزَّيتون: "يا أَبتِ، أبعد عنِّي هذه الكأس" (لو 22: 42). على الجبل، تجلَّى الربُّ في مجد قيامته. والتجلِّي هو تخطِّي الصَّليب والموت، والخروج إلى مجد القيامة. لقد اختبر الربُّ هذا الخروج نحو مجد القيامة، في صلاته على جبل التجلِّي، إذ يُخبرنا النَّص الإنجيليّ أنّه حين كان الربُّ يُصلِّي على الجبل، تغيَّر وجهه. إذًا، لا يستطيع المؤمِنون فَهم سرّ الموت بمنظاره المسيحيّ إلّا من خلال صلاتهم. إنّ الصّلاة تجمعنا بأحبّائنا الّذين فارقونا، كما تدفعنا إلى عيش حياة يسوع. إنَّ الصّلاة تدفعنا إلى الخروج مِن ذواتنا ومن العالم، في سبيل اتِّباع الربِّ يسوع المسيح، الّذي تجلّى لنا بعد موته وآلامه، بقيامته من بين الأموات. في كلِّ مرَّةٍ نصلِّي، نخرج من هموم الأرض، لنلتصق بالربِّ يسوع المسيح، من خلال موته وقيامته. إذًا، الصّلاة هي عَمَلٌ مُسَبَّقٌ لموتنا مع المسيح، وقيامتنا مع المسيح. هذا هو معنى قدَّاسنا.
نجتمع في القدَّاس لنُحيي ذِكرى أمواتنا، إذ في الذبيحة الإلهيّة، نتوحَّد بالمسيح من خلال سماعنا لكلمة الله المقدَّسة وتَناوُلِنا القربان المقدَّس. إنّ اتِّحادنا بالربِّ يسوع في القدَّاس هو الّذي يوحِّدنا بموتانا. إنَّنا نُدرِك من خلال إيماننا المسيحيّ أنّ المسيح قام من الموت، وبالتّالي نُدرِك أنَّ أمواتَنا هم أيضًا قائمون من خلال إيمانهم بالربِّ يسوع. حين نتَّحد بالمسيح من خلال القربان المقدَّس، نتّحد بموتانا، وبالتّالي يُصبح بإمكاننا في الذبيحة الإلهيّة رؤية موتانا ولَمسَهم بَعين الإيمان. إنّ أمواتنا لا يستطيعون التَّواصل معنا، نحن الأحياء في هذه الأرض، إلّا من خلال المسيح، ونحن أيضًا لا نستطيع التّواصل معهم ما دُمنا في هذه الأرض إلّا من خلال الصّلاة. نحن نلتقي بأمواتنا من خلال كلمة الله الّتي تُتلى على مسامِعنا في الذبيحة الإلهيّة. لقد أدرَك بطرس الرَّسول هذه الحقيقة حين تجلَّى الربُّ أمامه، لذا قال: "رابّي، حسنٌ لنا أن نكون ههنا" (مر9: 5).
نعم، في كلّ مرّة نشارك في الذبيحة الإلهية، وخاصّةً في مناسبة مرور أسبوع أو أربعين يومًا على وفاة أحد أحبّائنا، نتذكّرهم، كما أنَّ الذبيحة الإلهيّة تمنحنا الفرصة للقاء موتانا والتحدُّث معهم من خلال يسوع المسيح، كلمة الله، فنشعر بوجودهم، إذ إنّنا نؤمِن بحضور الربِّ في ما بيننا. إنّ التَّجلِّي يجمع الموت إلى القيامة، والمجد إلى الهوان، والسّماء إلى الأرض. نحن نعيش في حضرة موتانا وموتانا يعيشون معنا، من خلال لقائنا في الذبيحة الإلهيّة بالربِّ يسوع، الّذي تألَّم ومات وتجلّى بقيامته من بين الأموات.
نعم، في كلّ مرَّة نجتمع لنحتفل بالذبيحة الإلهيّة، نجتمع لنحتفل بموت وقيامة المسيح، ولكنّنا أيضًا نعيش في حضرة موتانا ونتَّحد معهم. إنّ موتانا ينتظرون اللِّقاء بنا في الذبيحة الإلهيّة بفارغ الصّبر، لأنَّه في القدَّاس فقط، يستطيع موتانا الّذين يحيَون في السّماء أن يلتقوا بنا، نحن الّذين لا نزال أحياء في هذه الأرض، فيَعيشون معنا همومَنا الأرضيّة ومشاكلَنا، فنشاركهم آمالنا وأمنياتِنا بفعل حُبِّنا لأمواتنا. من خلال القربان وكلمة الله أي من خلال القدَّاس المبارك، نصبح جميعنا حاضرين مع المسيح، كما الرُّسل على جبل التجلِّي. في الذبيحة الإلهيّة، يجمعنا الربُّ بموتانا، فنتذوَّق بشكل استباقي ولو في لحظات قصيرة، مجد السّماء. وعلى الرُّغم من ذلك، يتحجَّج الكثيرون بأعذارٍ شتّى لعدم المجيء إلى الكنيسة، والمشاركة بالذبيحة الإلهيّة. في هذا الإطار، تقول لنا القدِّيسة تريزيا الطِّفل يسوع إنَّه لو كنّا نُدرِك قيمة القدَّاس، لكنّا بحاجة إلى شرطة لتنظيم مجيء المسيحيِّين إلى القدَّاس نهار الأحد.
إنَّ مَجيئنا إلى القدَّاس هو من أجل الاعتراف والتطهُّر من خطايانا، إذ إنّنا حين نتناول جسد الربِّ ودَمِه نتَّحد بالربِّ ومن خلاله نتَّحد بموتانا. هذا هو إيماننا المسيحيّ. عاش المسيح الحدث الفِصحيّ، أي انتقاله من الأرض إلى السَّماء، بتجلِّيه مُسبَّقًا على جبل التجلِّي. في كلّ مرّة، نحتفل بالذبيحة الإلهيّة، نعيش هذا الحدث الفِصحيّ، أي أنّنا نعيش موتَنا وانتقالنا إلى السّماء إذ لم يَعد الموت يُخيفُنا. في كلّ نهار أحدٍ، نحضر فيه إلى الكنيسة، نعيش موتَنا وقيامتنا مع المسيح يسوع، إذ نشاركه موته وقيامته.
لذلك إخوتي، أشارككم اليوم، مع جماعة "أُذكرني في ملكوتك" الصّلاة من أجل موتانا المؤمِنِين. بارككم الله إخوتي المؤمِنِين، وبارك رسالة هذه الجماعة. إنّ أفضل هديّة نقدِمها لموتانا هي تقديم الذبائح الإلهيّة من أجل راحة نفوسهم. وها نحن اليوم، نبدأ مع هذه الجماعة رسالة الصّلاة من أجل موتانا المؤمِنِين، وسنستمرِ في الصّلاة لأجلهم في الأحد الثَّاني من كلِّ شهر. ونذكر اليوم بشكل خاصّ، المرحومة إفلين، سائلين الله أن يجعل نصيبها بين الأبرار والصّدِّيقين، وأن يجمعها الله بالمسيح يسوع في السّماء فتتمكّن من الاجتماع في السّماء بِزَوجها وبِابْنَيها الّذين فقدتَهم في حياتها على هذه الأرض. إنَّ معاينتنا لوجه الربِّ في السَّماء، بعد انتقالنا من هذه الفانية، سيجعلنا ننسى كلَّ عذابٍ اختبرناه في هذه الأرض، إذ سنختبر في السّماء سعادةً لا تُوصَف، وستتحقَّق فينا الترتيلة الّتي رتَّلناها في القسم الأوّل من القدَّاس: "ما أبهى وجه الفادي". نعم، لا شيء أفضل من عيش المؤمِن إيمانه بالربِّ يسوع المسيح، لا فقط المائت على الصّليب إنّما أيضًا القائم من الموت. عندها نستطيع مع موتانا أن نقول مع مار بطرس: "رابِّي، حَسَنٌ لنا أن نكون ههنا" (مر 9: 5).

ملاحظة: دُوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرُّف. تتمة...
23/5/2019 كنيسة مار الياس للرّوم الكاثوليك- لافال، كندا إنّ كلّ جماعة تنشأ في الكنيسة نتيجة حاجة أو سببٍ معيَّن
عظة الأب برنار باسط
في القدّاس الإلهيّ من أجل الراقدين على رجاء القيامة
لجماعة "أذكرني في ملكوتك"
في كنيسة مار الياس للرّوم الكاثوليك- لافال، كندا

23/5/2019

باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

نصلِّي مع بعضنا البعض، اليوم، في هذه الذبيحة الإلهيّة، مُتَذكِّرين تدبير الله الخلاصيّ مِن أجلنا، منذ الخلق مرورًا بالخطيئة والتجسُّد وصولاً إلى الفداء، والقيامة، فنشكره على محبَّته لنا، الّتي منها نأخذ القوّة لنعيش الإيمان والبذل في حياتنا اليوم، ونختبر معنى القيامة.

اليوم، أيضًا في هذا القدَّاس الإلهيّ، نبدأ بتسليط الضَّوء من خلال جماعة "أذكرني في ملكوتك"، على رحمة الله علينا، نحن الأحياء، ورحمته على أمواتنا. إنَّ عبارة "أذكرني في ملكوتك"، قالها لصّ اليمين للربّ حين كان مصلوبًا بالقرب منه على الصّليب. واليوم، سنذكر في صلاتنا النُّفوس المنقطعة، أي الأموات الّذين لا يذكرهم أحد. ونسأل الله أن نجد، نحن أيضًا، مَن يُصلِّي لنا، حين ننتقل مِن هذا العالم.
إنّ كلّ جماعة تنشأ في الكنيسة نتيجة حاجة أو سببٍ معيَّن، يُلزِم وُجودها. تهدِف هذه الجماعة إلى الإشارة إلى ضرورة الصّلاة للأنفُس"المطهريّة"، كما تذكر في صلاتها أيضًا النُّفوس المنازِعة في المستشفيات وفي البيوت، والمرضى المتألِّمين، لما في ذلك من تعزيَةٍ لهم. لذلك، سنصلِّي في كلِ ليلة خميسٍ على نية راحة أنفس موتانا، وسنُحاول ذِكرهم جميعًا مِن دون نسيانِ أحدٍ منهم. لن يتغيَّر برنامج صلاتنا الموضوع لكلِّ يومِ خميس، ولكن سنُضيف صلاة النِّياحة من أجل موتانا، في ختام هذه القداديس الّتي نُقيمها لأجلهم، ذاكِرين جميع أسماء الموتى المؤمِنِين الّذين سيتمّ تدوين أسمائهم في سجِلِّ "أذكرني في ملكوتك".
إنَّ هذه الجماعة قد أصدرت كُتَيِّب صلواتٍ يتضمَّن قراءاتٍ مِن الكتاب المقدَّس: مزامير ورسائل وأناجيل، كما يتضَمَّن أيضًا بعض الصّلوات اللِّيتورجيّة والقراءات الروحيّة مِن آباء الكنيسة القدِّيسين، وهي تتمحور حول الموت والرَّجاء والقيامة. أثناء المناولة المقدَّسة، سنُرتِّل ما قاله لصّ اليمين للربّ يسوع على الصّليب، وسَيَتِمّ اختيار إحدى قراءات الآباء القدِّيسين مِن هذا الكُتيِّب وقراءتها خلال القُدَّاس الإلهيّ. إنّ هذه الجماعة تعتمد أيقونة القيامة، شِعارًا لها، وهذه الأيقونة تُعبِّر عن رجائنا بالمسيح، وقيامة أجسادنا في اليوم الأخير.

ملاحظة: دُوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرُّف. تتمة...
8/5/2019 مقام سيّدة زحلة والبقاع تأمّل في أحد حاملات الطّيب
https://www.youtube.com/watch?v=m__WqqHgc8k&t=4s

تأمّل في "أحد حاملات الطّيب"
للأب إيلي خنيصر
في انطلاقة جماعة "أذكرني في ملكوتك"،
بالقدّاس الإلهيّ من أجل الراقدين على رجاء القيامة
في مقام سيِّدة زحلة والبقاع

8/5/2019

المسيح قام، حقًّا قام!
باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

يسرُّني اليوم أن أحتفل معكم، بالقدَّاس الأوّل لجماعة "أذكرني في ملكوتك"، في هذا المقام المقدَّس. انطلقَت هذه الجماعة في كنيسة القدِّيسة بربارة - زحلة، منذ أربع سنوات تقريبًا، حين كُنْتُ خادمًا لتِلك الرعيّة. إنّ رسالة هذه الجماعة تقوم على الصّلاة من أجل أَنفُس الموتى. وهذه الجماعة منتشرة في مناطِق عديدة في لبنان، وكذلك في عدّة دُوَل في العالم، حتّى وَصَلت إلى الولايات المتَّحدة الأميركيّة وكندا واستراليا. أشكر الله على وجود هذه الجماعة الّتي تَحُثُّنا على ذِكر أمواتنا والصّلاة لأجلهم في الذبيحة الإلهيّة.

لقد قرأتُ على مسامِعكم إنجيل الأحد الماضي، أحد حاملات الطِّيب. يبدأ هذا النَّص الإنجيليّ على الشَّكل التّالي: "في ذلك الزَمان، أتى يوسف الّذي من الرَّامة" (مر 15: 41). إنَّ عبارة "ذلك الزَّمان" تُشير إلى يوم الجمعة العظيمة، أي إلى اليوم الّذي مات فيه يسوع على الصّليب. عندما مات يسوع على الصّليب، تحرَّكت مشاعر يوسف الّذي من الرّامة، لأنّه كان يُحبّ الربّ يسوع.

طوبى لكلّ مَن يحمل اسم "يوسف"، لأنَّ هذا الاسم عَبَّرَ، عَبْرَ التّاريخ أي في العهد القديم والعهد الجديد، عن الإنسان العامل مع الله. يُكلِّمنا العهد القديم عن يوسف الحَسَن، الّذي خلَّص شعب اسرائيل من المجاعة، والّذي أدخل الشَّعب إلى أرض مِصر، أرض الفراعنة، حيث كانت العبوديّة. كان ليوسفُ الفَضلُ الأكبر في تخليص كلّ منطقة الشرق الأوسط، من المجاعة من خلال حِكمته. في ميلاد يسوع، أمام المِذود، كان يوسف النَّجار مع مريم يهتمَّان بيسوع الطِّفل. لقد اختار الله أن يكون يوسف النَّجار مربِّيًا لابنه المتجسِّد في أرض البشر. وفي ختام رسالة يسوع على هذه الأرض، أي على الصّليب، كان عند أقدام الصّليب، رَجُلٌ اسمه يوسف وهو مِن مدينة الرّامة. في ميلاد يسوع، كان يوسف النَّجار حاضرًا مع مريم العذراء أمام المِذود حيث كان يضَّجِع الطِّفل يسوع؛ وعند أقدام الصّليب،كان يوسف الّذي من الرّامة، حاضرًا مع العذراء مريم عند موت يسوع. وهنا يُطرح السؤال: لماذا استدعى الله يوسف الّذي من الرّامة كي يكون عند أقدام الصّليب؟ عندما جاء المجوس إلى أورشليم، وزاروا هيرودس ليسألوه عن المولود الـمَلِك، كان جواب هيرودس لهم: "اذهبوا وابحثوا جيِّدًا عن الطِّفل. فإذا وَجدتموه، فأخبروني حتّى أذهب أنا أيضًا وأسجد له"(متّى 2: 8). يُخبرنا النَّص الإنجيليّ أنَّ ملاك الربَّ قد أوحى للمجوس في الـحُلم، أي بعد تقديمهم الهدايا للمَلِك المولود بألّا يعودوا إلى هيرُودس، بل إلى بلادهم. هذا ما أدّى إلى اغتياظ هيرودس، فأمرَ بِذَبح أطفال بيت لَحم وتُخومِها. إنّ المجزرة الأكبر تمَّت في مدينة الرّامة، الّتي تقع غرب بيت لحم، نِسْبَةً لكثافة السُّكان فيها، ولِعَددِ الأطفال الكبير فيها. لقد تمَّت المجزرة في الوقت الّذي انطلق فيه الربّ يسوع مع يوسف مربِّيه وأمّه إلى مِصر، فتحقّقت النبوءة القائلة: "صُراخٍ سُمِعَ في الرّامة، بُكاءٌ ونَحيبٌ كثيرٌ، راحيل تبكي على أولادِها ولا تُريد أن تتَعزَّى لأنّهم زالوا من الوجود" (متى 2: 18). إنَّ الربّ يسوع قال لنا إنّه مَن يَسْقي أحد إخوته الصِّغار كأس ماءٍ بارد، فإنَّ أَجرَه لن يَضيع؛ فكيف إنْ قدَّمت له الرّامة، دِماء أطفالها الشّهداء، كي ينجو هو مِنَ الموت! يقول لنا نَصُّ إنجيل اليوم: "جاء يوسف الّذي من الرَّامة". إذًا، كان لمدينة الرّامة حِصةٌ في حياة يسوع، في ميلاده، كما في يوم مماته على الصّليب: في ميلاد الربّ، قدَّمت الرّامة، دِماء أطفالها الشُّهداء للربّ، فقرّر مكافأتها على ذلك يوم مماته، نهار الجمعة العظيمة، إذ دُفِن في قبرٍ يملِكه أحد أهالي مدينة الرّامة. يا لعظمة مكافأة الربّ لأهل الرّامة الّتي قدَّمت له شهداءها الأطفال لتُنجِّيه من الموت. إنّ الربّ لم ينسَ هذه التَّقدمة حتّى عند ذهابه إلى مِصر طِفلاً، فكافأها على ذلك في يوم موته على الصّليب.

جاء يوسف ودَخل إلى بيلاطُس، مملوءًا من الرُّوح القدس، وطَلَبَ جسدَ الربّ يسوع. بعد أن تحقَّق بيلاطُس من موت يسوع، أعطى جسد الربّ ليوسف الرَّامي. ويقول لنا الإنجيل، إنَّ يوسف الرَّامي قد لفَّ يسوع بالكتَّان. ويُخبرنا العهد القديم أنّ الربَّ قد طَلبَ من موسى أن يَصنَع له ثياب الكهنة مِن الكتَان الخالِص. والربَّ يسوع، الّذي قدَّم ذاته ذبيحةً على الصّليب، قد أظهر نفسه "كَرئيس الكهنة الأعظم"، حين لُفَّ بالكتَّان، أي بلباس الكهنة، ودُفَن به.كان يوسف الرّامي رَجُلاً غنيّا جدًّا. وقد أكَّدت لنا الدِّراسات حول كَفن تورينو، بأنّ كَفَن الربّ يحتوي على لُقاح أرز لبنان، ممّا يُشير إلى أنّ الكتّان الّذي اشتراه يوسف الرّامي هو من صَيدا في جنوب لبنان، إذ إنَّ اللَّبنانيّين كانوا يضعون في الكتّان ذي الباب الأوّل، لُقاح أرز لبنان، الّذي يرمز إلى الخلود. وبالتّالي عندما لُفَّ جَسَدُ يسوع بالكتّان، ظَهرت حقيقة الربّ بأنّه رئيس الكهنة، وأنّه الإله الإنسان الخالد.

وَضَع يوسف الرّامي، الربَّ يسوع، في قبرٍ منحوتٍ في صخرٍ. إنَّ هذا التَّعبير الّذي استعمله الإنجيليّ مرقُس :"نُحِتَ في صَخرة"، يشير إلى أنّ الصَّخرة الإلهيّة قد وُضِعت في صَخرةٍ. في العهد القديم، عندما كان موسى في البريّة، عَطش الشَّعب وتَذمَّر على الله وعلى موسى، عندها طَلَبَ الله من موسى أن يرفع عصاه ويضرب الصَّخرة الموجودة أمامه، ففعل فخَرجَت منها ينابيع ماءٍ. يقول لنا بولس الرَّسول في إحدى رسائله: "وكان المسيح هو الصَّخرة". إنّ تشديد الإنجيليّ مَرقس على أنّ الربّ قد أُضجِع في قبرٍ منحوتٍ في الصَّخرة، يدلّ على انتهاء هذا الزَّمن الحجريّ الصَّخريّ، إذ انبثق منه صَخرٌ إلهيّ، هو المسيح يسوع. لقد أُعلِنَتْ القيامة، بحسب الإنجيليّ مرقس، عند طلوع الشَّمس. إنَّ هذا التَّعبير اللّاهوتي: "عندما طَلعت الشَّمس" ضروريّ، لأنَّ الربَّ يسوع، هو الصَّخر الإلهيّ، الّذي انبثق مع بزوغ الشّمس، وما هذا إلّا إشارة إلى الفِصح الأوّل الّذي حَدَث مع موسى، إذ قال الربّ لموسى: "أنا أُقاتل عنكم؛ وغَدًا، عند بزوع الشَّمس، تكون الحريّة لكم، ويكون فِصحُكم".

جاءت النِّساء عند بزوغ الفجر لتَحنيط جسد الربّ، وإذ بهنَّ يتفاجأنَ أنَّ الحجر قد دُحرِج عن باب القبر، ورأيْنَ ملاكًا كما وَصَفه الإنجيليّ مرقس، "شابٌ جالسٌ على اليمين، وعليه حُلَّةٌ بيضاء" (مر 16: 5). إنَّ اليمين في الكتاب المقدَّس، له أبعاد لاهوتيّة جميلة جدًّا، إذ إنّه مركز الشَّرف، مركز الخلاص، مركز البَرَكة. وهنا نتذكَّر أنّ الملاك جبرائيل قد تراءى لزكريّا الكاهن عن يمين المذبح؛ وكذلك في الصّيد العجيب، طَلَبَ الربُّ مِنَ الرُّسل إلقاء الشَّبكة إلى اليَمين، واللُّص الّذي كان على يمين الربّ هو مَن نال الخلاص؛ وكذلك في نصّ الدينونة العامّة، كانت الجِداء على الشَّمال، والخراف، أي المخلَّصون، عن يمين المسيح. وبعد أنْ دُحرِجَ الحجر عن القبر، كان الملاك واقفًا إلى اليَمين، وقال للنِّساء: "لا تنذهلنَ أنتنَّ تطلبنَ يسوع النّاصريّ؟ إنَّه ليس ههنا، لقد قام. اذهبْنَ وقُلْنَ للتّلاميذ ولِبُطرس" (مر 16: 6-7). كان بطرس التِّلميذ الأساسيّ بين كلّ تلاميذ الربّ، بدليل أنَّ الربَّ قال لبطرس قبل أنْ يُسلَم للموت إنَّه قد صلّى له كثيرًا، كي يتمكَّن عند عودته مِن أن يُشدِّد إخوته الضُعفاء، الّذين يحتاجون إلى كلمته، الّتي تُقوِّيهم. لذلك، طلب الملاك من النِّسوة نَقل بشارة قيامة الربّ إلى بطرس، بِنَوَعٍ خاصّ. عند سماعهم هذا الخبر، لم يُصدِّق التّلاميذ كلام النِّسوة، ولا بطرس صدَّقه ايضًا، لذا هرع بسرعة مع يوحنّا إلى القبر ليتأكَّدوا من الأَمر، فَوَجَدا الأكفان موضوعة جانبًا، فتذكَّرا حينها أنَّ الربَّ يسوع قال لهما إنَّ ابن الإنسان سوف يُسلَم إلى أيدي الخَطاة، ويُقتَل ثمّ في اليوم الثالث يقوم.
أحبَبْتُ أن أشارِككم في هذا التأمّل حول إنجيل أحد حاملات الطِّيب، فَنَتَذَكَّرَ هذه الشَّرف الّذي أعطاه الربُّ للرّامة بأنّ تحتضنه في قبرٍ تابعٍ لأحد أهاليها، بعد أن كانَتْ قد قدَّمَتْ له في السّابق دِماء أطفالِها الشُّهداء في فترةِ ميلادِه.
بنعمة الآب والابن والرُّوح القدس، آمين.
ملاحظة: دُوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرُّف. تتمة...
5/5/2019 القداس الاحتفالي السنوي في عيد القيامة المجيدة كنيسة مارت تقلا - سد البوشرية
https://www.youtube.com/watch?v=tfaM7yCPqBY&t=15s

القداس الاحتفاليّ السنويّ في عيد القيامة المجيدة
لجماعة "أذكرني في ملكوتك"
عظة الخوري جوزف سويد
كنيسة مارت تقلا - سدّ البوشريّة

5/5/2019

باسم الآب والابن والرُّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

سلام المسيح،
حضرة ممثلة رئيس بلدية البوشريّة – السِّد، زوجته المحترمة،
كلّ إخوتي الأحبّاء الّذين يشاركوننا اليوم هذا الاحتفال، مسؤولون وأعضاء في جماعة "أذكرني في ملكوتك".
نحتفل اليوم، باللِّقاء السّنوي الثَّالث عشر بمناسبة عيد القيامة، ونحيّيكم كما كان القائم من الموت يُحيّي تلاميذه، عند كلِّ ظهورٍ له عليهم: "السّلام لِكم"؛ ونتبادل في هذا العيد معًا التَّحيّة الفِصحيّة قائِلين: "المسيح قام".
اليوم، أريد أن أُلقي الضَّوء على ثلاثة أسماء مهمَّة جدًّا، هي: أوّلاً،"ديسماس"، أي اللُّص التَّائب، وهو اسم مألوفٌ عند جماعة "أذكرني في ملكوتك"، هو الّذي صَرخَ صرخة المنازع الأخيرة، صرخة الإنسان الّذي يحاول في لحظاته الأخيرة في هذه الحياة، أن يسرق الملكوت. ثانيًا،"كليوباس"، وهو أحد التِّلميذَين العائدَين إلى قريتهما عمّاوس. عاد تلميذان من تلاميذ الربّ يسوع إلى عمّاوس، واحدٌ معروف الاسم وهو كليوباس، والثّاني مجهول الاسم، للدّلالة على أنَّ كلّ مؤمِنٍ قد يكون هذا التِّلميذ الآخَر العائد مع كليوباوس إلى عمّاوس. وأخيرًا، "جُوستاس"، "جُوستاس"، وهو اسمُ اللِّص الّذي بقيَ حتّى اللَّحظة الأخيرة من حياته، غير مُدرِكٍ لِمَعنى حياته، ورَفضَ التَّوبة. أمام هذه الأسماء الثّلاثة، يُطرَح السُؤال: أيّ هؤلاء الثّلاثة، أريد أنا المؤمِن أن أكون؟ إنّ ديسماس أمضى حياته في السَّرقة، وقد كان محترفًا في عَملِه، إذ تمكَّن في لحظاتِ حياته الأخيرة من اختطاف الملكوت من الربّ يسوع.

يُخبرُنا إنجيل اليوم، عن اثنين من تلاميذ يسوع، هما تلميذَا عمّاوس. كان هذان التِّلميذان عائِدَين من أورشليم إلى عمّاوس، فعلى الرُّغم من سماعهما عن قيامة الربّ، إلّا أنّهما كانا تحت تأثير هَول الصّدمة، فَمَوت الربّ يسوع لم يزلزل العالم الخارجيّ وحسب، بل زلزل أيضًا قلبَي هذين التِّلميذَين، وأدخل الاضطراب والخوف إلى قلبَيهما لأنّهما لم يتمكّنا مِن إدراك حَدثَ الموت.كان هذان التِّلميذان عاجِزَين عن تخطِّي أزمة موت يسوع والانتقال إلى مرحلة جديدة هي القيامة، كانا عاجِزَين عَن الانتقال من الجمعة العظيمة إلى أحد القيامة. إنّ أورشليم مدينة السّلام، قد اضطربت إثر موت المسيح يسوع، وبالتّالي قد أصبحت هذه المدينة غريبة عن حقيقتها. إنّ أورشليم هذه، قد بكاها الربّ يسوع في حياته، قائلاً:"أورشليم أورشليم، يا قاتلة الأنبياء والـمُرسَلين إليكِ". كان هذان التِّلميذان يسيران في طريقهما نحو عمّاوس، وإذ بشابٍ غريب، يقترب منهما، ويسألهما عن سبب كآبتهما، فقالا له: "أأنت وَحدك غريبٌ في أُورشليمَ، فلا تَعرفُ ما حَدَثَ فيها هذه الأيّام!"، وأضافا قائِلَين: "ما حَدَثَ ليسوع النّاصريّ وكان نبيًّا قَديرًا في القول والعَمل عند الله والشَّعب. كيف أَسلَمَه رؤساءُ كَهَنَتِنا وزعماؤنا للحكم عليه بالموت، وكيفَ صَلَبوه. وكنّا نأمل أن يكون هو الّذي يُخلِص اسرائيل" (لو 24: 18-20). إذًا، لقد كانت أورشليم كلّها مضطربة، وسَيْطَر حَدَث موت يسوع على كلّ أحاديثها. في عالمنا اليوم المضطرب نتيجة الأزمات الاقتصاديّة والحروب، لا يَسعُنا إلّا ترداد اسم "يسوع"، لأنَّه هو رجاؤنا الوحيد وخلاصُنا، فَيَلْمع نور اسم "يسوع" في المسكونة كلِّها. على المؤمِنِين بالـمَسيح، أن يتلذَّذوا بِذِكرِ اسم "يسوع"، لأنّ له وحده تجثو كلّ ركبةٍ في السماء وعلى الأرض، وله كلّ لسانٍ يُسبِّح ويُهلِّل. على رَجائِنا نحن المؤمِنِين أن يكون على مِثال رجاء القدِّيسين الأبرار والصدِّيقين والشُّهداء، إذ كان الربّ يسوع هو رجاؤهم الوَحيد، بأنّه سيَفتَدي لا إسرائيل وحسب، بل البشريّة كلَّها. وهنا نتذكَّر كلام رئيس الأحبار اليهوديّ في يوم محاكمة يسوع، إذ قال: "خيرٌ أن يموتَ واحِدٌ عن الأُمّة، مِن أن تَهلِك الأُمّة بأسْرِها". نعم، كان مِن الأفضل أن يموت رَجلٌ واحدٌ عن الأُمّة الّتي ننتمي إليها، فَننال بموتِه الخلاص لنا أجمَعين، عندما نُدْرِك أنَّ المسيح القائم من الموت هو الله. بعد انفتاح عينيّ تِلميذَي عمّاوس على قِيامة الربِّ يسوع، دَخل الفرح والرَّجاء إلى قلبَيهما وأزاحَ كلَّ يأسٍ وكآبة.

إنّ الربّ يسوع يسير مع كلِّ واحدٍ منّا على طريق "عمّاوس" الخاصّ به، طريق الكآبة واليأس والإحباط، ويحاول من خلال كلمته المقدَّسة، أن يُدخل الرَّجاء والفَرح إلى قلبِ كلّ منّا. إنَّ كلَّ طُرقات حياتنا هي طُرقات يُظلِّلها يسوع، بكلماته الّتي تُضطرِم قلب الإنسان مِنَ الدَّاخل، وهذا ما عبَّر عنه تِلميذَا عمّاوس إذ قالا: "أَمَا كان قَلبُنا يَحترق في صَدرِنا، حين حَدَثَّنا في الطَّريق وشَرَح لنا الكُتُب المقدَسة؟"(لو 24: 22). فعلى الرُّغم من الاضطراب الموجود في داخِلهما، دخل السّلام إلى قلبَيهما إثر كلام يسوع، لذا قالا له: "أقِمْ معنا، لأنّ المساء اقترب ومالَ النَهار!" (لو 24: 29). لم يُخيِّب الربُّ رغبة التّلاميذ، إذ مَكَث مَعهما، وقدّسَ الخبزَ وكسره معهما، فتمكّنا من معرفته، بعد أن كانا قد أضاعاه في ظلمة أحداث الصّلب والموت. رافقَ الربُّ يسوعُ هَذَين التِّلميذَين في طريقهما إلى عمّاوس، طريق الكآبة واليأس، ولم يتركهما إلّا بعد أن أدخل فرح الرَّجاء إلى قلبَيهما. إنَّ الربّ يسوع يدعونا إلى مجالستِه، خاصّة عندما نقع في حالة من الكآبة واليأس، فهو لديه ما يُقدِّمه لنا، ألا وهو جسده ودمه، وكلمته المحيّية. ها نحن اليوم، نتشارك مع الربّ مائدته. لقد ترك الربُّ تِلميذَي عمّاوس، عندما انفتح ذهناهما على نور القيامة، وتكسَّر حجر القبر الكئيب، إذ عمّ فرح القيامة قلبَيهما.

ما اختبره تلميذَا عمّاوس، نختبره نحن أيضًا في كلِّ يومٍ، إذ نترك بيوتَنا، التي ترمز إلى أورشليم، قاصِدِين الكنيسة، أي قرية عمّاوس، كما يمكننا اعتبار الكنيسة هي أورشليم، وبيوتنا هي قريَة عمّاوس. إنّ الربّ يسوع هو السِّرّ الحاضر والغائب معنا دائمًا. فلنَعُد إلى أورشليم، أي إلى منازِلنا، مُتَزوِّدين مِن جسد ودَم يسوع المسيح، وأجواء القيامة تملأ قلوبنا وتُضرمها فرَحًا وسلامًا، بعد سماعِنا كلمة الله، ونموِّنا بالنِّعمة، واشتراكِنا مع الإخوة والأصدقاء في مائدة الربّ. على بيوتنا وكنائسِنا أن تكون على مِثال أورشليم، الّتي تمّ فيها الصّلب والموت، والقيامة أيضًا. فإنْ تعرَّضنا للآلام، والعذابات والأسى والموت، فَلْنَكُن على ثِقةٍ أنَّ الربّ سيأتي ليزرع في قلوبِنا الرَّجاء والطمأنينة والسّلام، مكانَ الألم والاضطراب والإحباط. في عالمٍ مليء بالأزمات والحروب، يأتي الربُّ إلينا، ليُبَلسِم جراحنا وآلامِنا، بِبَلْسَم قيامته، وهذا لا يتحقَّق إلّا إذا مَلَكَ الربُّ على قلوبنا، وكان سيِّدًا عليها. إنَّ وُجودَ الربِ في حياتِنا هو ما يمنحنا السّلام والطَّمأنينة، فمِن دونه سيكون مَصيرنا الخراب والدَّمار على مِثال أورشليم، الّتي دُمرَّت سنة 70 ميلاديّة. إنَّ عالمنا اليوم يبحث عن السّلام فلا يَجِدَه، إذ ملأت الحروب العالم، غير أنّنا نحن المؤمِنِين ننال السّلام، من رجائنا الموضوع في يسوع المسيح، الّذي قدَّم ذاته ذبيحةً من أجل فِداء العالم.

في هذا اللِّقاء المبارك، أرغب أن نعيش اختبار تِلمذَي عمّاوس، فنَسير بفرحَ مع الربّ على دُروب هذه الحياة، المليئة بالأشواك والـحُزن والأسى والموت، ولكنّها مليئة أيضًا بأمجاد القيامة. على المؤمِن أن يصرخ "المسيح قام، حقًّا قام" بعد أن يكون قد قَتَلَ كلّ بذور الموت فيه. إخوتي، أدعوكم اليوم إلى تجديد مسيرتكم على دُروب هذه الحياة بمَعيّة الربّ، ولتكن كلماته رفيقكم في هذه الحياة، مستَبْدِلين كلّ أخبار هذا العالم الّتي تدعو إلى اليأس، بالصّلاة والاستماع إلى ما يزرع الرَّجاء في قلوبنا، ويُشعلها فرحًا وسلامًا. إنّ عالمنا اليوم، يفتقد إلى السّلام، فلا نسمحَنَّ له بأن يُدخِلنا في اليأس، من خلال "رشّ الكِلس" على قبورنا المظلمة في هذه الحياة، بل لِنَستعِض عنها بِــ"رَشَّة مِلحٍ يسوعيّة"، أي بما يُعطي حياتنا معنىً ورجاءً وفَرحًا. فلنُردِّد إخوتي، اسمَ الربّ "يسوع" على مسامِعنا وعلى مسامِع الآخَرين، لأنّ اسمه قادر على إعطائنا الفَرح والسّلام.
في الختام، أتمنى لكم، زمن قيامة مجيدة، وأدعوكم إلى "رشّ المِلح" في محيطكم. وها نحن اليوم مجتمعون لنفرح وإيّاكم، صارِخين مع "دِيسْماس": "أذكرنا يا ربّ، متى أتيت في ملكوتك".
المسيح قام، حقًّا قام.

ملاحظة: دُوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرُّف. تتمة...
26/4/2019 القداس الاحتفالي في عيد القيامة المجيدة - القديس يوسف، لافال هل إيماننا قويّ لنقولَ عن ذواتنا إنّنا حقًّا "سُفراء المسيح"
عظة المطران بول - مروان تابت السامي الاحترام
في القدّاس الإلهيّ الاحتفاليّ من أجل الراقدين على رجاء القيامة
لجماعة "أذكرني في ملكوتك"
في كنيسة مار يوسف، لافال - كندا
26/4/2019
باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

صباح الخير أحبّائي،
اليوم، تحتفل كنيستنا المارونيّة بالأحد الجديد، في حين أنَّ الكنيسة الأرثوذكسيّة تحتفل بعيد القيامة المجيدة. لذا أطلب منكم، كما تُصلُّون لأمواتكم، أن تُصلُّوا أيضًا من أجل وَحدة الكنائس،كي يضع الربُّ نِعمتَه في قلوب المسؤولِين الكنسيِّين جميعًا مِن دون استثناء، فيَعمَلوا على توحيد الاحتفال في عيد الفِصح عند جميع الجماعات المسيحيّة في العالم. بعد انتقالنا من هذا العالم، وعند وقوفنا أمام عرش الربّ في الملكوت، سنُحاسَب لا على انتماءاتنا الطائفيّة الّتي هي مِن صناعة بشريّة لتقسيم الكنيسة، إنَّما على أعمال الخير الّتي قُمنا بها، وعلى أعمال المحبّة الّتي عِشناها مع إخوتنا في هذه الحياة الأرضيّة.
إنَّ كنيسة مار يوسف، كما كنائس عديدة في العالم، كاثوليكيّة وأرثوذكسيّة، وخاصّةً في الشرق الأوسط، وتحديدًا في لبنان، تَذكُر موتاها من خلال جماعة "أذكرني في ملكوتك"، الّتي تأسَّست في لبنان مِن سنواتٍ قليلة. وهنا، أودُّ أن أشكر السيِّدة الّتي تهتَّم بهذه الجماعة الجميلة والصَّغيرة في هذه الرعيّة. إنَّ هذه الجماعة قد ازدادت انتشارًا في كندا مؤخَّرًا، إذ أصبحت موجودة في عدَّة رعايا وعدَّة مقاطعات: أوتاوا وتورنتو ومونتريال، ولا زالت في تَوسُّعٍ دائم. إنَّ هَدَف هذه الجماعة هو ذِكر الموتى المؤمِنِين في الصّلاة، وهي تلتقي مرَّةً في الشَّهر، ومَن أراد منكم الحصول على معلوماتٍ إضافيّة حول هذه الجماعة، يستطيع طَرح أسئلته على السَّيدة لور في نهاية القدَّاس، لإفادتكم حول هَدَف هذه الجماعة وعملِها في الرعيّة.

في هذا الأحد الأوّل بعد القيامة، اختارَتْ لنا الكنيسة نصًّا مِن رسائل القدِّيس بولس، يركِّز فيه الرَّسول على ثلاث أفكار أساسيّة:
أوَّلاً: لم يكن بولس الرَّسول مِن بين الرُّسل الاثني عشر، فهو لم يتمكَّن من معرفة يسوع جسديًّا، أي أنّه لم يتمكَّن من رؤيته بعيون الجسد ولا مخالطته في حياته اليوميّة، كما هي حال بقيّة الرُّسل. ولكنَّ بولس الرَّسول قد تعرَّف إلى الربِّ بالإيمان، فكَتَب رسائل عديدة للمؤمِنِين حَثَّهم من خلالها على الإسراع إلى اقتبال المعموديّة، وإعلان إيمانهم بالربّ، لأنّ "ملكوت الله قريب"، إذ بالنِّسبة لمار بولس، ملكوت الربِّ آتٍ في السَّنوات القليلة القادمة. في الرِّسالة الَّتي تُلِيَت على مسامِعنا اليوم، يُخبرنا بولس الرَّسول أنَّ على المؤمِن الشَّهادة للربّ، فالإيمان لا يُعبَّر عنه إلّا بالشَّهادة.
ثانيًا: يُضيف بولس الرَّسول في رسالته هذه، أنَّ المؤمِن يُصبح سفيرًا للربّ، نتيجة شهادَته لإيمانه، لذا يستخدم بولس الرَّسول عبارة: "سفراء المسيح". إنَّ السَّفير يمثِّل دَولته الّتي أرسلَته لمهمَّة تمثيلها في المجتمعات الدَّوليّة، لذا عليه أن ينقل للآخَرين بكلِّ أمانة، ما يُعبِّر عن سياسة دَولته ومعتقداتها، لا معتقداته الخاصَّة، فالسَّفير لا يمثِّل ذاته بل يمثِّل دولته، أي أنَّه يُصبح لديه التزام مَعنويّ تجاه دَولته بحكم المسؤوليّة. فمثلًا أنا أسقفٌ في الكنيسة المارونيّة، عليّ أن أنقل للمؤمِنِين العقائد الإيمانيّة، لا معتقداتي وآرائي الخاصّة. إنَّ مار بولس الّذي لم يتعرَّف إلى الربِّ بعيون الجسد، بل بعيون الإيمان فقط، قد أصبح أهمَّ سفيرٍ للربّ، إذ لم يكتب أحدٌ من الرُّسل كما كَتَب بولس الرَّسول ولا بِقَدر ما كتب، وقد قاده حبَّه للمسيح إلى الاستشهاد، شهادةً لحضور المسيح في حياته.

ثالثًا: في هذه الرِّسالة، يدعونا بولس الرَّسول إلى نقل هذه الحالة الإيمانيّة من المجتمع الّذي نعيش فيه إلى المجتمعات الأُخرى. وهذه الرِّسالة تأتي بالتَّوازن مع الإنجيل: فالإنجيل يكلِّمنا عن الرَّسول توما، الّذي عاش مع الربِّ واختبره، ورأى عجائبه، ولكنَّه شَكَّ في قيامة الربِّ، على عكس بولس الرَّسول الّذي لم يتمكَّن من اختبار الربِّ جسديًّا، إنَّما فقط إيمانيًّا، ولكنَّه أصبح سفيرًا للربِّ وكلَّمنا عن الإيمان كبقيّة الرُّسل الّذين تتلمَذوا على يد الربِّ يسوع. بعد شكِّ توما، اضطرَّ الربُّ للظُّهور للرَّسول ليؤكِّد له حقيقة القيامة، طالبًا منه أن يتحسَّس جروحاته الخمسة. بعد أن تأكَّد الرَّسول من قيامة الربّ، انطلق توما في العالم كلِّه مبشِّرًا بها، ووصل ببشارته إلى مِصر والهِند.

إنَّ الكنيسة تعرِضُ علينا الحالة الّتي عاشها كلٌّ مِن هَذَين الرَّسولَين، توما وبولس، لتَحُثَّنا على طَرح السؤال على ذواتنا، في هذا الأحد، الأحد الجديد: مِثل أيِّ رسولٍ من هَذَين الرَّسولَين نرغب أن نكون في حياتنا: مِثلُ توما الّذي شكَّ بقيامة الربِّ يسوع على الرُّغم من اختباره الأرضيّ، والّذي لا يتأكَّد من إيمانه إلّا من خلال ظهور الربِّ له؛ أم مِثل بولس الرَّسول الّذي اختبر الربَّ بالإيمان فقط، وقد تحوَّل بعد ذلك إلى أحد أهمّ "سفراء المسيح"؟ في سَبْتِ النُّور، عند المسحيِّين الأرثوذكس، تنطلق شُعلَة النُّور مِن قبر المسيح، وينتظر وصولها إلى بلادهم بلهفة، جميع المسيحيِّين في العالم كلِّه. ولكنَّ السؤال الّذي يُطرَح: هل نحن بحاجة إلى هذه الشُّعلة، للإيمان بقيامة الربّ، أم أنَّ هذه الشُّعلة تُساعدنا على النُّمو في الإيمان والثَّبات فيه؟ هل إيماننا بالربِّ مَبنيّ على الشُّعلة المقدَّسة، أم على مواعيد المعموديّة الّتي نِلناها عند اقتبالنا المسيح في حياتنا؟ في حياتنا اليوميّة، قد نتعرَّض لصعوباتٍ تُثَبِّتنا وتقوِّينا وتُعطينا زَخمًا إيمانيًّا وتُدخلُنا أكثر في حياة المسيح وتُدخله إلى حياتنا. إنَّ انطلاق "شُعلَة النُّور مِن قبر المسيح" لا تمنحنا الإيمان بالربِّ يسوع، إنّما يزداد إيماننا من خلالها وبِقدر ما نفعِّله في حياتنا من خلال وَضْع طاقتنا في خدمة الآخَرين. إنَّ شعلة النُور تشجِّع المؤمِن على الاستمرار في ممارسة أعمال المحبّة والقيام بالتَّضحيات في سبيل الآخَرين من أجل المسيح، إذ يجد في ما يقوم به من أعمالٍ مَعنىً وجدوى.
في الأحد الجديد، أي بعد أن مَضى أسبوع على اختبار الرُّسل لحَدَث القيامة، نجد ذواتنا أمام حالَتين: حالة توما الرَّسول، وحالة بولس الرَّسول. وهنا يُطرَح علينا السُّؤال: هل إيماننا قويّ لنقولَ عن ذواتنا إنّنا حقًّا "سُفراء المسيح"، كما قال لنا بولس الرَّسول في رسالة اليوم؟ هل نملك القناعة الكافية بأنَّ معموديّتنا قد جَعلَتنا حقًّا أبناءً وبنات لله، أي هل نشعر حقًا بحضور الله في حياتنا، على الرُّغم من كلِّ الصُّعوبات الّتي تعترِضنا؟ أم أنّنا نُشكِّك في إيماننا بالربِّ عند كلِّ صعوبة، ونطالب الربَّ بظهور إلهيّ ليؤكِّد لنا صِحةَ إيماننا به، وأنّه حقَّا إلهُنا؟ هذا هو السُّؤال الّذي نطرحه على ذواتنا عند كلِّ لقاء لنا بالقربانة المقدَّسة في الذبيحة الإلهيّة، فنتَّخِذ القرار بإكمال المسيرة مع الربِّ أم بإنهائها. بالطبع، على المؤمِنِين أن يشجِّعوا بعضهم البعض، على متابعة المسيرة الإيمانيّة، فيكونوا شعبًا مؤمِنًا، وسُفراء للمسيح في عالَمِنا اليوم. إنَّنا جميعًا مُعرَّضون للوقوع في الخطيئة بسبب جَبْلَتِنا الضَّعيفة، ولكنَّ السُّؤال الّذي يُطرَح هو: هل نحن حقًّا "سُفراء المسيح"، أي هل نحن نحمل حقًّا يسوع في قلوبنا، ونحمل حُبَّ القيامة وتضحيتها في قلوبنا؟ هل نحمل الضُّعفاء في حياتنا؟ ما مِن أحدٍ معصوم عن الخطأ، ولكنّ المطلوب هو ألّا نخسر تلك الالتفاتة نحو الآخَرين الّذين يحتاجون إلينا: المهمَّشين والفقراء. ليس الفقير هو الفقير بالمال، إذ إنّ هناك كثيرٌ مِن أغنياء كُثُرًا فقراء، وفقراء كثيرين أغنياء. وبالتّالي ليس المال هُوَ مَا يُحدِّد الغِنى في هذه الحياة، فالأخلاق ومحبّة الآخَر هما اللّتان تُحدِّدان معنى الغنى الحقيقيّ في هذا العالم. فالغنى عند يسوع مَرهونٌ بعطفِنا على البشريّة الضَّعيفة، مرهونٌ بصلاتنا من أجل أمواتنا، مرهونٌ بانتباهِنا لعائلاتنا وللقِيَم الّتي نؤمِن بها. فهذه الدُّنيا، كما كانت تقول جدَّتي، مبنيّة على حُسن المعاملة مع الآخَرين.

في هذه المناسبة، أودُّ أن نُصلِّي من أجل موتى جميع الحاضرين ههنا، وجميع الموتى المؤمِنِين. كما أودُّ أن أشكر جميع الّذين يدفعوننا إلى الصّلاة من أجل موتانا، وبخاصّة الأَنفس المطهريّة والأنفس المنقطعة الّتي لا تجد مَن يذكُرها، إذ إنَّ هناك الكثير مِن الّذين رَحلوا مِن هذه الدُّنيا، وأصبحوا في دُنيا الحقّ ولا أهلَ لهم أو أحبّاء يذكُرونهم في صلواتهم. واليوم، في هذه الحالة الروحيّة الّتي نعيشها كجماعة مؤمِنة، ونحن كـ"سُفراء المسيح"، نُصلِّي من أجل موتانا، الّذينَ سبقونا إلى الحياة الأبديّة، كما أطلب منكم أيضًا الصّلاة من أجل وَحدة الكنائس. آمين.

ملاحظة: دُوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرُّف. تتمة...