البحث في الموقع

لقاءات و نشاطات


لقاءات روحية

4/8/2016 لقاء السنوات العشر ¬عشر سنوات مضَت نُنشد معًا الإيمان والرّجاء
https://www.youtube.com/watch?v=qXNn_CAhouE

لقاء السنوات العشر
لانطلاقة جماعة "اُذكرني في ملكوتك"
في رعايا لبنان وبلدان الانتشار
دير سيّدة البير – بقنايا

4/8/2016

1. صلاة الافتتاح مع صاحب السيادة المطران كيرلس بسترس السامي الاحترام
2. كلمة الجماعة "مسيرة السنوات العشر"- السيدة جانيت الهبر
3. "جماعة على حسب قلب الله" - كلمة مجلس الأمناء لصاحب السيادة المطران بولس الصياح السامي الاحترام
4. رسالة اصحاب السيادة
5. اطلاق كتيّب "صلوات التعزية والرجاء" مع الاباتي سمعان ابو عبدو السامي الاحترام
6. مضمون الفيلم عن مسيرة نشاطات الجماعة وشهادات حياة
7. البعد الرعائي مع الخوري جوزف سلوم
8. البعد الرسولي مع الأب ابراهيم سعد
9. "أهمية دور الشبيبة" مع الاب ميشال عبود الكرملي
10. اسئلة الحوار واجوبة
11. القداس الالهي - عظة صاحب السيادة كميل زيدان السامي الاحترام - نوايا وشكر

1. صلاة الافتتاح
صلاةُ البدء: باسمِ الآبِ والابنِ والروحِ القدسِ، الإلهِ الواحد، آمين. المجدُ لكَ يا إلهَنا المجدُ لك.
أيُّها الملِكُ السّماويُّ، المعَزّي، روحُ الحقِّ، الحاضِرُ في كُلِّ مكانٍ والمالئُ الكُلّ، كَنْزُ الصّالحاتِ ورازِقُ الحياة،
هَلمَّ واسْكُنْ فينا، وطَهّرنا من كلِّ دَنَسٍ، وخلِّص أيُّها الصّالحُ نُفوسَنا.
قدوسٌ الله، قدوسٌ القوي، قدوسٌ الذي لا يموتُ، ارحَمْنا! (ثلاثاً)
المجدُ للآبِ والابنِ والرُّوحِ القُدُس، الآنَ وكُلَّ أوانٍ وإلى دَهرِ الدّاهِرين. آمين.
أيُّها الثّالوثُ القّدّوسُ، ارْحَمْنا، يا ربُّ اغفِر خَطايانا، يا سَيِّد تَجاوَز عَن سيِّئاتنا، يا قُدُّوس اطَّلِع واشْفِ أمراضَنا،
من أجلِ اسْمِكَ. يا ربُّ ارحَم، يا ربُّ ارحَم، يا ربُّ ارحَم.
المجدُ للآبِ والابنِ والرُّوحِ القُدُس، الآنَ وكُلَّ أوانٍ وإلى دَهرِ الدّاهِرين. آمين.
أبانا الذي في السماوات...
In the name of the Father Son and the Holy Spirit. Amen
Glory to you our God , Glory be to Thee!

Heavenly King, Comforter, the Spirit of Truth, present in all places and filling all things, Treasury of Goodness and Giver of life: come and abide in us. Cleanse us from every stain of sin and save our souls, O Gracious Lord.
Holy God. Holy Mighty. Holy Immortal Have mercy on us.(3)
Glory to the Father, and the Son and the Holy Spirit, both now and forever and to the ages of ages. Amen.
All Holy Trinity, have mercy on us. Lord, forgive our sins. Master, pardon our transgressions. Holy One, visit and heal our infirmities, for the glory of Your Name. Lord, have mercy.(3)
Glory to the Father, and the Son and the Holy Spirit, both now and forever and to the ages of ages. Amen.
Our Father, Who art in Heaven...

Ϯ قراءةٌ من سِفر المزامير 122
• فَرِحْتُ حينَ قِيلَ لي: "لِنَذهَبْ إِلى بَيتِ الرَّبّ".
• تَوَقَّفَتْ أَقْدامُنا، في أَبوابِكِ يا أُورَشَلِيم.
• أُورَشَليم الـمَبنِيَّةُ كَمدينةٍ، في وَحدَةٍ مُتَماسِكة.
• إِلى هُناكَ صَعِدَتْ الأَسْبَاطُ، أَسْباطُ الرَّبّ، عَمَلاً بِسُنَّةٍ في إِسرائيل، لِكَي يـَحمَدوا اسمَ الرَّبّ.
• هُناكَ نُصِبَتْ عُروشٌ لِلقَضَاء، عُرُوشُ بَيتِ داوُد.
• أُطْلُبُوا السَّلامَ لِأُورَشَليم: السَّكينَةُ لِلَّذينَ يُحِبُّونَكِ!
• السَّلامُ في أَسوارِكِ، والسَّكينَةُ في قُصورِكِ!
• لِأَجلِ إِخوَتي وأَخِلَّائِـي لَأَدْعُوَنَّ لَكِ بالسَّلام.
• لِأَجلِ بَيتِ الرَّبِّ إِلَـهِنا، أَلتَمِسُ لَكِ السَّعادَة.

Ϯ Reading of Psalm 122
• I was glad when they said to me, “Let us go to the house of the LORD!”
• Our feet have been standing within your gates, O Jerusalem!
• Jerusalem-built as a city, that is bound firmly together,
• To which the tribes go up, the tribes of the LORD, as was decreed for Israel, to give thanks to the name of the LORD.
• There thrones for judgment were set, the thrones of the house of David.
• Pray for the peace of Jerusalem! “May they be secure who love you?
• Peace be within your walls and security within your towers!”
• For my brothers and companions' sake I will say, “Peace be within you!”
• For the sake of the house of the LORD our God, I will seek your good.

Ϯ ترنيمةٌ: أَشْرَقَ النُّورُ ....
أشرَقَ النّورُ على الأَبرار، والفَرَحُ عَلى مُسْتَقِيمِي القُلُوبْ.
- يَسوعُ ربُّنا الـمَسِيحْ أَشرَقَ لَنا مِنْ حَشا أَبيه. فَجاءَ وَأَنْقَذَنا مِنَ الظُلْمَه وَبِنُورِهِ الوَهَّاجِ أَنَارَنا.
- اندفقَ النَهارُ على البَشَرْ وَانهَزَمَ سُلطانُ اللَيلْ. مِنْ نُورِهِ شَرَقَ عَلَيْنا نُورْ وَأَنارَ عُيونَنا الـمُظْلِمَة.
- ملِكُنا آتٍ بمجدِه العظيم. لنشعَلَنَّ سُرجَنا ونخرجْ إليه. وَلنفرحَنَّ به كما فرِحَ بنا فيُفرِحنا بنورِه الوضّاح.

Ϯ قراءةٌ مِن رسالةِ القدّيسِ بولسَ الرّسول الأولى إلى أهلِ كورنتس ( 1كور 3/ 11-15).
"أَمَّا الأَساسُ، فما مِن أَحَدٍ يَستَطِيعُ أَن يَضَعَ غَيرَ الأَساسِ الّذي وُضِعَ، أَي يسوعَ المسيح. فإِن بَنى أَحَدٌ على هذا الأَساسِ
بِناءً مِن ذَهَبٍ أَو فِضَّةٍ أَو حِجارَةٍ كَريمة أَو خَشَبٍ أَو هَشِيمٍ أَو تِبْن، سيَظهرُ عَمَلُ كُلِّ واحِد، فَيَومُ اللهِ سيُعلِنُهُ، لِأَنَّهُ في النَّارِ
سيُكشَفُ ذلك اليَوم، وهذه النَّارُ سَتَمتَحِنُ قيمَةَ عَمَلِ كُلِّ واحِد. فمَن بَقِيَ عَمَلُه الَّذي بَناه على الأَساسِ نالَ أَجْرَه،
ومَنِ احتَرَقَ عَمَلُه كانَ مِنَ الخاسِرين، أَمَّا هو فسيَخلُص، ولكِن كمَن يَخلُصُ مِن خِلالِ النَّار".

Ϯ The reading from the first letter of St Paul to the Corinthians (3: 11-15).
"For other foundation can no man lay than that is laid, which is Jesus Christ.
Now if any man build upon this foundation gold, silver, precious stones, wood, hay, stubble;
Every man's work shall be made manifest: for the day shall declare it, because it shall be revealed by fire; and the fire shall try every man's work of what sort it is.
If any man's work abide which he hath built thereupon, he shall receive a reward.
If any man's work shall be burned, he shall suffer loss: but he himself shall be saved; yet so as by fire”.

Ϯ قراءةٌ من إنجيل ربِّنا يسوعَ المسيح للقدّيس متّى (متّى 28/ 16-20).
وأَمَّا التَّلاميذُ الأَحَدَ عَشَر، فذَهَبوا إِلى الجَليل، إِلى الجَبَلِ الَّذي أَمَرَهم يسوعُ أَن يَذهَبوا إِلَيه. فلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدوا له، ولَكِنَّ بَعضَهُمُ ارْتابوا. فَدَنا يسوعُ وَكَلَّمَهم قال: "إنّي أُوليتُ كُلَّ سُلطانٍ في السَّماءِ والأَرض. فاذهَبوا وتَلمِذوا جَـمِيعَ الأُمَمِ، وَعَمِّدوهم بِاسمِ الآبِ والابنِ والرُّوحِ القُدُس، وَعَلِّموهم أَن يَحفَظُوا كُلَّ ما أَوصَيتُكُم به، وهاءَنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَـم".

Ϯ The reading from the Holy Gospel according to St Mattew (28:16-20).
“Then the eleven disciples went away into Galilee, into a mountain where Jesus had appointed them. And when they saw him, they worshipped him: but some doubted. And Jesus came and spake unto them, saying, All power is given unto me in heaven and in earth. Go ye therefore, and teach all nations, baptizing them in the name of the Father, and of the Son, and of the Holy Ghost:Teaching them to observe all things whatsoever I have commanded you: and, lo, I am with you always, even unto the end of the world”. Amen

Ϯ صلاةُ الختام: يا خالِقَ العالَمِينَ، وَمُـنَّظِّمَ السَّاعاتِ والأَوقاتِ والأَزمِـنَة، يا صَانِـعَ كُلِّ ما يُرى وما لا يُرى، لَكَ نَسْجُد، وَإِيَّـاكَ نَشْكُر، وَنَسْأَلُ نِعْمَتَكَ الرَّحْـمَـةَ والـحَنان: أَشْرِقْ بِنُورِكَ في قُلُوبِنا، ثَبِّـتنا على الإيمانِ بِكَ، كَـمِّلنا بِمَعْرِفَتِكَ، طَهِّر جِراحَنا بِزُوفاكَ. اغفِرْ بِـحَنانِكَ خطايانا، أُطْرُدْ عَنَّا بِضِيائِكَ ظَلامَ الـخَـطِيئَة، فَـنَفْرَحَ بِـفَرَحِـكَ معَ أبْناءِ النُّور، وَوَرَثَةِ النُّور، وَنَتَمَّـجَدَ بِـمِيراثِكَ، وَنَخْرُجَ إِلى لِقائِكَ بِـمَصابيح الأَعمَالِ الـصَّالِحَةِ، وفي أَجواقِ أَبطالِكَ الرُّسُلِ والأَبرار، وبَينَ صُفُوفِهِم نَرْفَعُ الـمَجْدَ والشُّكر، إِلَيكَ وإلى أَبيكَ ورُوحِكَ القُدُّوس، إِلى الأَبَد. آمين.
Ϯ ترنيمةٌ: يا شفيعةَ المسيحيّينَ
يا شفيعةَ المسيحيّينَ غيرَ الخازية. الوسِيطةَ لدى الخالقِ غيْرَ المردودة. لا تُعرِضي عن أصواتِ طِلباتِنا نحنُ الخطأة. بل تداركينا بالمعونةِ بما أنّكِ صالحة. نحن الصَارخينَ إليكِ بإيمانٍ: بادِري إلى الشفاعة. وأسرِعِي في الطلبة. يا والدةَ الإله. المتشفّعةَ دائماً بمكرِّميكِ.
O protection of Christians that cannot be put to shame, mediation unto the Creator most constant, O despise not the suppliant voices of those who have sinned; but be thou quick, O good one, to come unto our aid, who in faith cry unto thee: Hasten to intercession, and speed thou to make supplication, thou who dost ever protect, O Theotokos, them that honour thee.
* صلاة البدء: من الطقس البيزنطي
صلاة الختام: من الطقس الماروني
كتاب الشحيمة - جامعة الروح القدس
..................................
2. كلمة الجماعة - مسيرة السنوات عشر
التقديم: من غور الأحزان، ومن أعماقِ كآبةِ فقدانِ الأحبة، بصيصٌ رجاء من نور قيامةِ ربِّنا يسوعَ المسيح، أضاء ظلماتِ الضّلال، وردم هوّةَ الخوفِ، في قلوب جماعةٍ مسيحيّةٍ انطلقت بوحي الرّوح تصلّي لكل من غاب وجهه عنّا، وتعمل بكل ثبات على زرع الرّجاء في النفوس، في توق لامتناهٍ الى ملكوت الله: "جماعة اذكرني في ملكوتك".
كلمةُ الجماعةِ اختصارًا لمسيرةِ السّنواتِ العشرِ، تلقيها السيدة "جانيت الهبر".

أصحابَ السيادةِ السامِي احترامُهُم
ممثِلي أصحابِ السيادةِ الأفاضل
المدبِّرين العامِّين ورؤساءَ ورئيسات الأديار والآباءَ الأجلاء
الراهباتِ الفاضلات،
الإخوةَ والأخواتِ بالربِّ يسوع
إنها لنعمةٌ لامتناهيّةٌ حقًا أن نتَصافحَ اليومَ بتحيّةٍ مُفعمةٍ بعطرِ الإيمانِ وضياءِ الرجاء، في عيدِ تجلّي ربِّنا يسوعَ المسيح، وإنّه لَفَرحٌ عظيمٌ أن نستقبِلَكُم بكلِّ شوقٍ وحُبٍّ في لقاءِ السنواتِ العشرِ، وافدينَ من رعايا لبنانَ وبلادِ الانتشارِ، لنقرأَ معًا ونتأمّلَ مَلِيًّا في مسيرةِ جماعةِ "اذكرني في ملكوتِك"، دعوةً واختبارًا، ونجدّدَ العهدَ في خدمةِ رسالةِ الصلاةِ من أجلِ الإخوةِ الراقدينَ على رجاءِ القيامة، خدامًا للنّورِ وللحياةِ الأبديّة، سائرينَ في عنصرةٍ مُستمِرةٍ، وسائلينَ اللهَ الآبَ أن تُساهمَ مسيرتُنا الروحيّةُ في حِفظِ "وديعةِ الايمانِ العاملِ بالمحبةِ" (2 طيم 1: 12؛ غل 5: 6)، كما أوصى بها بولسُ الرسولُ تلميذَه طيموتاوس.
نعم، منذُ عشرِ سنواتٍ، شمَلَتْنا رحمةُ الآبِ بنعمةٍ إلهيّةٍ، إثرَ فُقدانِ أحدِ الأحبةِ. فأفاضتْ في قلوبِنا الفرحَ السماويّ، وبلسمَتْ جراحَنا، وأيقظَتْ بصيرتَنا، لنعيَ حقيقةَ قيامةِ المسيحِ ربِّنا، ونُدركَ سِرَّ الموتِ المسيحيّ، الذي هو العبورُ السماويُّ إلى مَسكِنِ النّور، الى الربِّ يسوع، ابنِ اللهِ الحيّ، وِفقَ قالَ: "أنا القيامةُ والحياةُ، فمَن آمنَ بي وإن ماتَ يحيا".

وبِإلهامات الرّوحِ وعطاياهُ، وشفاعةِ القدّيسينَ، وبركةِ الكنيسة، انطلَقْنا في الأولِ من حزيران 2006 بغيْرةٍ وجِدٍ وعزمٍ، في خدمةِ رسالتِنا لننطُقَ: المسيحُ قام! أينَما حلَلنا في كُلٍّ من الرعايا الاثنتينِ والسّتينَ في لبنانَ وبلادِ الانتشار، فنصلّيَ من أجلِ الإخوةِ المنتقلينَ عنّا، بعضُنا لبعضٍ، في سرِّ الإفخارستيّا، لنحيا في رباطٍ أبديٍّ بالمسيحِ ربِّنا، عائلةً واحدةً، عائلةَ الآبِ السماويِّ، تجمعُها معموديّةُ الرّوحِ والمحبةُ الإلهيّةُ، حتى تنبُضَ القلوبُ بفرحِ الايمانِ وفَيضِ الحبِّ الإلهيِّ ونِعمةِ السلام، خاشعةً وضارعةً كلَّ حين: "اذكرنا يا ربّ متى أتيتَ في ملكوتِك" (لو 23: 42).
وبالكلمةِ الإلهيّةِ سلَكْنا معًا، في خدمةِ بشارةِ الإنجيل، ناهِلينَ مِنَ الكتابِ المقدّسِ، وِفقَ ما قالَهُ لنا، سيّدُنا ومعلّمُنا: "أنا هُوَ الطريقُ والحقُّ والحياة..." (يو 14: 6)، فتُثَبِتَنا في سَعْيِنا، وتَحفظَنا في يقظةٍ روحيةٍ، وتَهدِيَنا دومًا الى سبُلِ الحقِّ. كذلك عَمِلْنا على الشهادةِ لكلمةِ الحياةِ في رسالتِنا الشهريّةِ "إلى إخوتي الخمسة" (انطلاقًا من إنجيل لَعازر والغني، 19-31)، وعلى القيامِ بالإحسانِ والبِرِّ، من خلالِ خدمةِ القريبِ ومساندتِهِ في حاجاتِهِ، فنعكُسَ محبةَ اللهِ وحنانَهُ ورحمتَهُ، ونكونَ واحدًا في نِعمةِ الرجاءِ وهِبةِ الحياة.
وبالعزاءِ الأبديِّ، ورجاءِ الحياةِ الجديدةِ بالميراثِ السماويِّ، نعملُ في خدمتِنا الرسوليّةِ على بثِّ روحِ الرجاءِ في النفوسِ، لاسيّما في قلوبِ الحزانى، ومؤازرتـِهِم في ألـمِهم، وعلى مرافقةِ المنتقلِ عنّا من أبناءِ الرعيةِ في الوَداعِ الأخيرِ بالإيمانِ والصلاة والرجاءِ، من أجلِ أن نتعزّى معًا بكلمةِ الحياةِ الأبديّة. وفي هذا الصدَدِ مسّتِ الحاجةُ إلى وضع ِكتيّبِ صلواتِ التعزيةِ والرجاءِ، وهذا ما سيُطلِعُنا على تفاصيلِه لاحقًا قُدسُ الأباتي سمعان أبو عبدو.
وبرِباطِ السلامِ، نحرُصُ على شدِّ أواصرِ الأخوّةِ بين أفرادِ جماعتِنا وتبادلِ الخبراتِ الروحيّةِ ومشاركةِ الجماعاتِ بعضُها لبعضٍ في اللقاءاتِ الروحيّةِ، مجسّدينَ روحَ الشركةِ والمحبّةِ الأخويةِ، على مثالِ تلامِذةِ ربّنا وإلـهِنا، ومُجاهدينَ معًا بالإيمانِ الواحدِ في جِدَّةِ الحياةِ بالصلاةِ والخدمةِ وبذلِ الذات. وساعينَ إلى نقلِ رسالتِنا الرّوحيّة الى الشبيبةِ والأطفالِ وزرعِ الرجاءِ في قلوبـِهِم، لنُودِعَهُم ما تسلَّمْناهُ، إذ إنَّهم مستقبلُ الكنيسةِ، معَ حِرصِنا أيضًا، على إيصالِـها عبر موقعِنا الإلكترونيِّ وعلى مواقعِ التّواصلِ الإجتماعيِّ، وجديدُنا اليومَ، هو إضافةُ اللّغةِ الإنكليزيّةِ على موقِعِنا لجماعاتِ الانتشار.

أيُّها الحضورُ الكريم، هكذا مضَتْ عشرُ سنواتٍ في الكنيسةِ نُنشُد معًا الايمانَ والرجاء.
وها نحنُ، اليومَ، نتشاركُ مسيرةَ جماعتِنا الايمانيّةِ في الكنيسة، وفي قلوبِنا صلاةٌ ودعاءٌ أن نسلُكَ معًا بمشاركةِ المؤمنينَ بنعمةِ ربِّنا يسوعَ المسيح، وشركةِ الرّوحِ القدس، في خِدمةِ ما اؤتُـمِنَّا عليه، بمشيئةِ الله، رسالةِ "اذكرني في ملكوتك"، ضارعين إلى الله الآب أن تُثمِرَ في النّفوسِ تعزيةً ورجاءً وسلامًا وفرحًا، وأن نستعدَّ في كلِّ حين لنَسمعَ قولَ الرّبِّ لنا: "تعالَوْا يا مُبارَكي أبي، رِثوا الملكوتَ المعدَّ لكم من قَبْلِ إنشاءِ العالم" (متى 25: 34).
في الختامِ، نرفعُ معًا كلَّ الشكرِ للعنايةِ الإلهيّةِ على نعمةِ لقاءِ السنواتِ العشرِ، بشفاعةِ أمِّنا مريم، سيّدةِ البير.
ونتقدّمُ بخالصِ الشكرِ والمحبّةِ إلى رُعاتِنا، لَكُم أصحابِ السيادة، على مباركتِكُم لقاءَنا الروحيَّ هذا، وعلى احتضانِكُم لرسالتِنا في أبرشياتِكُم الموَّقرة ورعايتِكُمُ الأبويّةِ ومشورتِكُمْ ومساندتِنا من خلالِ خبُراتِكُمُ الكهنوتيّة.

Right Reverend Father Philip, General Vicar of the Melkite Church in America, servant at the Annunciation Cathedral in Boston, Massachussets.
We are blessed to have you among us during this special day. We would like to thank you again for all the efforts you have made to embrace our spiritual mission in Massachusetts. Welcome to Lebanon.
وكلُّ الشكرِ لكُم، الآباء (آبائنا) المرشدينَ الأجِلاّء في الرعايا على إرشادِكُمُ الأخويِّ ودعمِكُمْ لمسيرتِنا وعلى كافةِ عطاءاتِكُم.

شكرٌ خاصٌ إلى راهباتِ الصّليب، وإلى الأمِّ جاندارك القصَّيفي الفاضلة، وإلى كلِّ العاملين المحترمين في دير سيّدة البير، على استضافةِ جماعتِنا في لقاءِ السنواتِ العشر، وعلى كلِّ المحبةِ والتعاونِ والجهدِ المبذولِ لإنجاحِ لقائِنا الروحيِّ هذا.
ونتقدّمُ بالشكرِ القلبيِّ لكم جميعًا أيُّها الحضورُ الكريمُ، على جهودِكُمْ للمشاركةِ في لقائِنا الروحيِّ، من قلبِ لبنانَ وأطرافِهِ، وبلادِ الانتشار، ونخصُّ بالذّكرِ كلَّ مَن عانى المشقاتِ، الإخوةَ والأخواتِ من حلب –سوريا، وكندا وبُستُون وهيوستن ولندن ونيجيريا. فمعًا نتشدّدُ، وننمو في خدمةِ رسالةِ التّعزيةِ والرجاءِ، ويكتملُ فرحُ عائلة "اذكرني في ملكوتك"
وإلى كلِّ من يُساهِمُ في خدمةِ رسالتِنا الرّوحيّة بغَيْرَةٍ صادقةٍ وأمانةٍ.
أخيرًا، إذ نجدّدُ الشكرَ إلى هيئةِ الأمناءِ والهيئاتِ العاملةِ واللِّجان المختصّةِ ومسؤولي الرعايا، والشبيبةِ، والأطفالِ «أصدقاء غاييل» والإخوةِ والأخواتِ الأعضاء على عملِ ايمانِكم ومحبتِكم والتزامِكُم وجهودِكُم، نسألُ اللهَ تعالى أن يؤتِيَنا جميعًا قوةً وحكمةً، لنُكمِلَ الدربَ بحسبِ رضاه، ونحافظَ على مسيرتِنا، كلٌّ بحسبِ ما أُعطيَ من مواهبِ الروح.
فطوبى للموتى الذين يموتون في الربّ! وذكرُهم يدومُ إلى جيلٍ فجيل! المسيحُ قام، حقًا قام!.
................................
3. " جماعةٌ على حسبِ قلب الله" - صاحب السيادة المطران بولس الصياح السامي الاحترام

التقديم: "على حسب قلب الله" عبارة جوهرية من عمق الكتاب المقدّس تشير إلى الشخص أو إلى الجماعة التي تعمل ما يرضي الله، وتتجلّى أكثر ما تتجلّى في مسيرة "جماعة أذكرني في ملكوتك". كلّنا إصغاء إليك، يا صاحب السيادة، وأسقف في الكنيسة، واحد المؤتمنين على مسيرة الجماعة لتضيء على عمل هذه الجماعة الجاهدة كلّ الجهد لترضي الله حقّ الإرضاء.
أحييكم فرداً فرداً باسم مجلس الأمناء، وأشكر لكم حضوركم ومشاركتكم لنا فرحة الإحتفال بعشر سنوات من مسيرة جماعة "أذكرني في ملكوتك". وإنني باسمكم وباسم مجلس الأمناء أهنيء المؤسسة والرئيسة السيدة جانيت الهبر ومن عاونها منذ تأسيس الجماعة، وأحيي فريق عملها بأكمله كما أهنئكم جميعاً انتم الذين تؤلفون هذه العائلة المحبة التي تطورت وانتشرت في لبنان وخارجه بسرعة فاقت توقعات الكثيرين. إنها نعمة الله التي كللّت إيماناً ثابتاً برسالة مباركة، وجهوداً جبارة بذلت وتبذل في سبيل تحقيق تلك الرسالة.
"اذكرني يا يسوع إذا ما جئت في ملكوتك" (لو 23/24) هي صرخة من القلب أطلقها شخص كان مصلوباً إلى جانب يسوع قيل عنه أنه مجرم وهو قد اعترف "أن عقابه عدل لأنه يلقى ما تستوجبه أعماله" (لو 23/41) ، وقيل فيه أيضاً أنه قديس منسي، وأخاله اللقب الأقرب إلى الحقيقة. كان هذا الإنسان يشهد حدثاً غير مألوف، وهو يواجه نهاية حياته بشكل مأساوي؛ كان يصغي إلى شاب اسمه يسوع حكم عليه زوراً وصلب، ويسمعه يصلي من أجل الذين حكموا عليه والذين صلبوه، ومن أجل الشعب المتفرج واللامبالي، ومن أجل الهازئين به، ويسأل الغفران لهم جميعاً، ( أنظر لو 23: 35-37) وكان يبحث لهولاء أيضاً عن أعذار "لأنهم (في ظنه) لا يعلمون ما يفعلون"! ( لو 23/34) فأحدث موقف يسوع صحوة في نفسه، وأحس أنه في حضرة شخص ليس من طينة البشر، وكأنه حتى ليس من هذه الدنيا، بل من ملكوت آخر خاص به، فناداه باسمه متوسلاً: "أذكرني يا يسوع إذا ما جئت في ملكوتك."
هذا الكبر غير المألوف في موقف يسوع، والناس آنذاك في زمن تسوده شريعة العين بالعين والسن بالسن، آل إلى تلك الصلاة الصرخة، ومن هذه الصرخة استوحت جماعتنا إسمها، وهي التي نشأت أيضاً من رحم صدمة ومعاناة كبيرة مع العذاب والموت. وها هي اليوم، بعد عشر سنوات، غدت في نظري "جماعة على حسب قلب الله" لأنها تساهم في بناء هذا الملكوت من خلال إيمانها والتزامها بحقائق إنجيلية أربع: أولاً: إيمان مطلق بالقيامة
تقف الجماعة الى جانب الانسان الذي يعيش صدمة الموت بآلامه وعبثيته وتدعوه الى صحوة إيمان تذكره بان المسيح أيضاً مر في صدمة الموت وتمنى لو ان الكأس أبعدت عنه، ولكنه قبل الموت ثم قام منتصراًوهو في قيامته فتح امام الإنسان المؤمن افاق حياة جديدة تذكره بان الله قريب، بل أنه أتى إلينا وفتح لنا طريق الرجاء طريق العبور الى سر الحياة الحقيقية. الآيمان بالقيامة مدخل الى الرجاء ينقلك من واقع مغلق الى عالم منفتح يشعر فيه الانسان بقرب الله، انها الإطلالة على أورشليم الجديدة النازلة من السماء وصوت جهيّر من العرش يقول : " هوذا مسكّن الله مع الناس، فيسكن معهم وهم سيكونون له شعوبه وهو سيكون "الله معهم"، وسيسمح كل دمعة من عيونهم، وللموت لن يبقى وجود بعد الان، ولا للحزن ولا للصراخ ولا للألم لن يبقى وجود، لان العالم القديم قد زال". (رويا ٢١: ٣-٤). وما يحمله هذا الإيمان من فرح وسلام، لا قدرة للانسان حتى ان يتخيل حقيقته، ذلك ان " ما لم تره عين ولا سمعت به إذن ولا خطر على قلب بشر ما أعده الله للذين يحبونه" ( ١ قور ٢:٩). هذه رسالة "جماعة اذكرني في ملكوتك" الى الانسان الواقف متالماً حائراً امام الموت، فهي تنقل هذا الإنسان من ظلمة الحزن والعبثية إلى نور الحياة الجديدة فيعي هويته الحقيقية كإبن اوابنة وجد مكانه مع يسوع المسيح في ملكوته. هذه هي الحقيقة الإيمانية الأولى التي ترتكز إليها جماعة "اذكرني في ملكوتك" ، ومن خلال ترسيخها في أذهان الناس تساهم في بناء الملكوت، فمن اجل ذلك هي "جماعة على حسب قلب الله".
ثانياً: دعوة للعودة إلى الله
أما الحقيقة الثانية التي ترتكز عليها رسالة جماعة "اذكرني في ملكوتك"، إنما هي الدعوة للعودة إلى الله وبداية مسار جديد. منذ بداية حبريته ما انفك البابا فرنسيس يردد، كلما ساله أحد عن شخصيته، أنه رجل خاطيء، وأن ثقته عمياء في رحمة الله. من أجل ذلك فهويعيش مسيرة عودة متواصلة إلى ربه. إنها مسيرة كل إنسان يعي طبيعة علاقته بالله. وهذه كانت جزأً من مسيرة الإبن الضال، وجزاً من مسيرة المجرم التائب الذي صلب مع يسوع.
وهذه المسيرة تبدأ بالعودة الصادقة إلى الذات، وتشكل دومًاً المدخل الصحيح إلى تقويم المسار والإنطلاق بمسيرة جديدة. بدأت هذه المسيرة في حال الإبن الضائع بالعودة إلى ذاته بكل صدق واتخاذ القرار "فرجع إلى نفسه ... وقال أقوم وأمضي إلى أبي" (لو 15:17- 18). وفي حال "اللص اليمين" بدأت رحلة العودة بوقفة صادقة مع الذات، لما توجه إلى اللص الآخر الذي كان يجدف على يسوع بالقول: "أوما تخاف الله وأنت تعاني العقاب نفسه! أما نحن فعقابنا عدل، لأنا نلقى ما تستوجبه أعمالنا، أما هو فلم يعمل سوءًا" (لو 23: 40-41). نتيجة موقف الإبن الضائع كانت أنه لدى عودته إلى ابيه الذي كان ينتظره "األقى أبوه بنفسه على عنقه وقبله طويلاً... وقال لخدمه: أسرعوا واتوا بأفخر حلة وألبسوه، واجعلوا في أصبعه خاتماً وفي قدميه حذاء، واتوا بالعجل المسمن واذبحوه فنأكل وننعم، لأن ابني هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوجد." (لو 15:22-24). وجواب يسوع للص اليمين أتى سريعًا وواضحًا وبشكل ينطوي على شيء من "الاحتفالية": "الحق أقول لك: ستكون اليوم معي في الفردوس" (لو 23/43). لقد برر يسوع هذا المجرم لأنه أعرب عن توقه إلى أن يكون مع يسوع. برره يسوع من دون أن يسأئله في شأن ماضيه الحافل بالجرائم الذي استحق له حكم الموت والذي قال فيه هو "أن عقابه عدل وأنه يلقى ما تستوجبه أعماله" (أنظر لو 23/41) تماماً كما فعل الأب بابنه في مثل الإبن الضائع الذي عاد إليه مسترحماً ؛ هو أيضاً تخطى كل مخاوف ابنه الذي أعد خطاب اعتذار هام، أما الآب فما أبه بذلك الخطاب بل تجاهله تماماً وذهب إلى الأهم وهو أن ابنه عاد، كان ميتاً فعاش وضالاً فوجد... فأخذوا ينعمون، لأن الوقت للفرح. ( أنظر لو 15:18-20) الله ينتظرني أينما كنت ومهما كانت الحال التي اعيش فيها. هذه هي الحقيقة الإيمانية الثانية التي ترتكز أليها جماعة "اذكرني في ملكوتك"، ومن خلال دعوة الناس إلى اعتناقها تساهم أيضاً في بناء الملكوت. فمن أجل ذلك هي أيضاً "جماعة على حسب قلب الله."
ثالثاً: الثقة برحمة الله اللامتناهية
أما الحقيقة الثالثة التي ترتكز إليها جماعة "اذكرني في ملكوتك"، فهي ان رحمة الله لا حدود لها، وهي تغمرنا وتغمر أمواتنا. فيكفي أن يكون الإنسان وهو يواجه الموت قد استغفر الله للحظة واحدة كي يكون مع يسوع في الملكوت، مهما كان ماضيه أو حاضره، إنه "عامل الساعة الحادية عشرة" (متى 20:1-16) إنه من الآخرين الذين أصبحوا أولين. (أنظر متى 20/16) وكأني باللص اليمين صرخ من على الصليب بكلام صاحب المزمور 130: "من الأعماق صرخت إليك يا رب، يا رب، يا سيد استمع صوتي ، إن كنت تراقب الآثام يا رب فمن يقف ؟! فأتاه الجواب على لسان أشعيا النبي: "إن كانت خطاياكم كالقرمز فأنا أبيضها كالثلج" (أشعيا 1/18) هذه هي نتيجة العودة الى الله، هو لا يريد موت الخاطيء بل توبته، "فالقلب المنكسر المنسحق لا تزدريه يا الله" (مز 50) ونفرأ في مزمور آخر: "الرب راعي فلا يعوزني شيء...وأن سلكت في ظلال الموت لا أخاف سوءًا لآنك معي" (مز 22).
"اذكرني يا يسوع إذا ما جئت في ملكوتك" صلاة اطلقت في اللحظة التي كان يسوع يقدم فيها ذبيحة الفداء على الصليب. هذه الذبيحة التي نحتفل بها من جديد في الافخارستيا والتي فيها تطلق جماعة "اذكرني في ملكوتك" الصرخة نفسها، من أجل المؤمنين الذين انتقلوا إلى الحياة الجديدة. لقد كتب البابا فرنسيس في "وجه الرحمة": "قبل الآلام صلى يسوع مزمور الرحمة، مزمور 136 الذي نكرر بعد كل آية منه: ‘إن إلى الأبد رحمته’ وهذا ما يؤكده الإنجيلي متى عندما يقول: ‘وبعد أن سبحوا’ (متى 26/30) خرج يسوع إلى جبل الزيتون. فبينما كان يؤسس الإفخارستيا كتذكار أبدي له ولفصحه، وضع بشكل رمزي عمل الوحي السامي هذا في ضؤ الرحمة. وفي أطار الرحمة عينه كان يسوع يعيش آلامه وموته مدركاً لسر الحب الكبير الذي سيتم على الصليب." (وجه الرحمة عدد 7) مفهوم الرحمة وممارستها هي في أساس لاهوت "جماعة أذكرني في ملكوتك" فمن أجل ذلك هي جماعة على حسب قلب الله.
رابعاً: أذكرني في ملكوتك جماعة مسكونية، إذاً هي جماعة كنسية بامتياز
أما الحقيقة الرابعة التي ترتكز إليها الجماعة هي أنها جماعة مسكونية ، إي إنها جماعة كنسية بامتياز. فقد حققت في كونها جمعت في صفوفها وفي دعائها كل المسيحيين، أساقفة وكهنة ومؤمنين، حققت فعلياً أمنية عزيزة جدًا على قلب يسوع، ففي كنفها يصلي المؤمنون معًا، كاثوليكاً وأرثوذكسيين، ولا بد أن لصلاتهم وقعها الخاص في قلب يسوع الذي صلى بدوره ليكون الذين آمنوا به واحدًا: "كما انك في، يا أبت، وأنا فيك فليكونوا هم أيضًا فينا ليؤمن العالم بأنك انت ارسلتني. ... وأنك أحببتهم كما أحببتني" (لو 17: 21-24). يا رب إن الذين وهبتهم لي أريد أن يكونوا معي حيث أكون... إن صلاة جماعة "اذكرني في ملكوتك" مسموعة عند الرب يسوع بامتياز لأنها تصعد من قلوب محبة ومتّحدة ومؤمنة، وهي تتخطى كونها دعاءً إلى الله لتصبح شهادةً لمحبته ورحمته وافتدائه للعالم . وها هي تحقق سابقة مسكونية هامة بنشرها، ببركة من رؤساء الكنائس، كتاب صلاة مشترك بعنوان "صلوات التعزية والرجاء" تطلقه في هذه المناسبة كشهادة حية للروح المسكونية التي تعيشها. والمسكونية لا تعني أن تصبح كل كنيسة صورة طبق الأصل عن الأخرى، بل أن تسعى كل كنيسة لتصبح كنيسة المسيح حقاً. فالكنائس لا تتحد بأن تذهب إحداها إلى الأخرى، بل أن تعمل كل كنيسة لتكون في الميسح يسوع لأننا فيه هو نلتقي وفي تماهي كنائسنا معه نتوحد، وذلك من دون أن يفقد أحدنا جمال تراثه او يتنكر لغنى تاريخه.
تعيش المسيحية في هذه الحقبة من تاريخها، على المستوى العالمي، زمناً تبرز فيه رسالة المؤمن العلماني من خلال مبادرات رسولية ورعوية تغني الكنيسة بمؤسسات وجماعات ومنظمات جديدة وفاعلة تستجيب لحاجات تجديد البشارة بالإنجيل. إني أرى جماعة "أذكرني في ملكوتك" في هذا السياق واستناداً إلى مسار السنوات العشر الماضية، أراها مرشحة للإنتشار في بلدان جديدة وألى التوسع أكثر فأكثر في البلدان التي هي متواجدة فيها.
وتدرك الجماعة جيداً أن تطورها رهن بنموها الروحي كجماعة ونمو كل من أعضائها. إنها منذ البداية عملت من أجل ذلك، لأنه سيكون من الصعب علي أن أحمل نور القيامة إلى الإنسان المعذب قبل أن أدع نور الروح يلج إلى الأماكن المظلمة في حياتي. من أجل ذلك تحرص الجماعة على تنظيم برامج روحية وأخرى تثقيفية من شأنها أن تساعد أعضاءها على متابعة نموهم الشخصي فتتمكن آنذاك، بشكل أفضل، من أن تتابع تطوير الرسالة التي آلت على نفسها أن تحققها.
فنمو الأعضاء ونمو الجماعة ونمو الرسالة أيضاً مترابطة كلها . وذلك كله يلقي على عاتقنا جميعاً، أساقفة وكهنة مرشدين ومؤمنين ملتزمين مسؤولية العمل بكل جدية واندفاع من خلال الروحانية التي ذكرت لمساندة الرئيسة ومجلس أدارة الجماعة ولجانها ومجلس الأمناء، فيقوم الكل معاً بعمل كنسي ديناميكي يجعل من هذه الجماعة التي تنمو باضطراد ، يوماً بعد يوم، "جماعة على حسب قلب الله".
................................
4. رسالة اصحاب السيادة
كلمة سيادة المطران ميشال عون السامي الاحترام، ابرشية جبيل المارونية

أصحاب السيادة،
الآباء الأجلاّء،
الأخوات الراهبات،
السيّدات والسادة،
بدايةً، أوّد أن أحييكم جميعًا على هذه الرسالة الّتي تنشرونها في مختلف الرعايا، والّتي أصبحت متواجدة في أبرشيّتي أيضًا، وهي الصلاة من أجل الموتى مع العائلات المحزونة.
إنّ عملكم ذا أهميّة كبرى، وقد عبّرت للمسؤولين حين زاروني، عن ارتباط رسالة هذه الجماعة بمساعدة أبنائنا على عيش إيمانهم بالقيامة على نحو كلام مار بولس في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس، حيث أكدّ حقيقة القيامة قائلاً إنّه إن كان صحيحًا أنّ لا قيامة للأموات كما يدّعي البعض، فهذا يعني أنّ المسيح لم يقم، وبالتّالي فإنّ كلّ ما بشَّر به بولس، ونحن نؤمن به اليوم، هو باطل ولا نفع منه، لأنّ البشارة ترتكز على قيامة الرّبّ من الموت. إنّ إيماننا المسيحيّ يستند على المسيح القائم الّذي معه سنعبر من حالة الموت، موت الخطيئة، قبل موت- الجسد، إلى اختبار قوّة الحياة. إنّ عيش القيامة، جوهر إيماننا في حياتنا اليوميّة، ليس بالأمر السهل. وقد اختبرت هذا شخصيًّا مع أقرابائي، فإنّه عندما تُوُفِيَ عمّي، وجدت بنات عمّي، وأبناؤه صعوبةً في تقبّل فكرة الموت، وقد عبّروا عن ذلك في إحدى الجلسات قائلين إنّهم يؤمنون بالقيامة، لكنّهم في الحقيقة لا يعرفون تفاصيل كيفية حدوثها. إنّ هذا الإبهام والغموض في أمر القيامة، لا يسمح للمؤمن أن يعيش حالة الموت بسلام، فهو يعيش تلك الحالة على أنّها انسلاخ للشخص المحبوب عنه، من دون أن يكون للمؤمن أي اختبار ملموس لقيامة الرّب في حياته، فعندما يكون أحد أفراد العائلة في حالة النّزاع الأخير، نرى أن بقيّة الأفراد يتجنّبون استخدام لفظة الموت، وكأنّ الموت أمر مخيف ومرعب، كما أنّهم يتجنبّون إعلام المنازع باقترابه من وقت عبوره من هذه الدّنيا. لذلك، كنت، في حديثي مع أعضاء الجماعة، أشدّد دائمًا على ضرورة مساعدة النّاس على تقبّل فكرة الموت والتصالح معها، إلى جانب المساعدة القيّمة الّتي تقدّمونها لهم من خلال الصلاة. يجب تطوير رسالة الجماعة وتفعيلها في رعايانا، حتّى ما قبل الموت، عبر زيارة المرضى والمشرفين على الموت، ويكون ذلك عبر زيارة تلك العائلات، والصلاة معها، فنساعدها على تقبّل فكرة الموت، ونساعد المنازع كي يتحضّر للعبور بسلام من هذه الأرض، فيُدرك أنّه سيغادرنا إلى مكان آخر رائع، حيث سيلتقي بالرّبّ، فتصبح حالة المنازع مشابهة لحالة لصّ اليمين الّذي طلب من المسيح أن يذكره متى جاء في ملكوته، فيعبر المنازع إلى الملكوت، ممتلئًا بالرّجاء ومصّليًا "أذكرني يا ربّ متى اتيت في ملكوتك"، فيسمع الرّبّ صلاته ويستجيب له.
أنا أتقدّم من هذه الجماعة بالتهنئة على رسالتها وانتشارها، متمنيًا أن تتمكّن، من خلال التنشئة الّتي تحصل عليها ومن خلال النضوج الروحيّ لأعضائها من أن تساعد كافة المؤمنين، أبناء رعايا على التصالح مع فكرة الموت، وتساعد المشرفين على الموت على العبور بسلام إلى الحياة الأبديّة. عسى أمنيتنا هذه أن تتحقّق من خلال هذه الجماعة بالإيمان.
وأشكر لكم إصغاءكم. ملاحظة: دوِّنت بتصرّف.

- كلمة المطران يوسف طوبجي السامي الاحترام، ابرشية حلب المارونية

تهانينا لمسيرة العشر سنوات لجماعة "أذكرني في ملكوتك": تهانينا للسيّدة جانيت ولكلّ الأشخاص وأعضاء الجماعة، أصحاب السيّادة،
أبائي الأفاضل، الكهنة والراهبات،
إخوتي الأحبّاء،
في الحقيقة، نحن في حلب نختبر بشكلٍ يوميّ، للأسف، خبرة الموت والألم، وأنتم على علم بجزءٍ ممّا نعاني منه، من خلال الأخبار الّتي تشاهدونها على شاشات التلفزة. فبالنسبة لنا، إنّ موضوع التحضير للموت يتطلّب أن يكون نظر الإنسان ممتدًّا إلى اللانهاية، إلى الرّجاء والقيامة.
إنني أرى أنّ لجماعة "أذكرني في ملكوتك" دور هامّ في الظروف الصعبة الّتي نعاني منها في حلب، وهو يقوم على أن نزرع في قلوب المؤمنين المعنى الحقيقيّ للاتحاد بالرّبّ في الملكوت، لكي نتمكّن من العيش معه في ملكوت دائم وسعادة حقيقيّة.
إنّنا نرى في عالمنا اليوم أنّ الإنسان يعيش لأجل يومه، أي لأجل هذه الحياة فقط للأسف، ويغفل عن باله أنّه قد تنتهي حياته في لحظة من اللّحظات الّتي لا يعرفها. أمّا مار بولس فهو كان متشوقًا لتلك اللّحظة، لحظة الموت، إلى لحظة مجيء الرّب، وملاقاته في السحب في الجوّ. من هنا نرى ضرورة زرع في أذهان المؤمنين هذا الإيمان والرّجاء بأنّ الحياة على هذه الأرض هي قصيرة جدًّا، فيُدرك الإنسان أنّ عليه أن يعمل من أجل الحياة الحقيقيّة، أي من أجل الملكوت.
نسأل الله أن تكبر رسالة هذه الجماعة وتنمو يومًا بعد يوم، ونشكر لكم استضافتكم لنا ، وشكرًا للجهود الي تبذلونها في هذه الجماعة.
في سنة 1910، أي منذ حوالي ما يقارب مئة عام، كان في حلب جماعة تشبه "جماعة أذكرني في ملكوتك"، وقد كانت تذكر الأموات في الذبيحة الإلهيّة التّي كانت تقام من أجلهم بشكلٍ دوريّ، غير أنّها لم تكن فاعلة من حيث النشاطات، وكانت هذه الجماعة في إتّحاد مع جمعيّات أخرى في فرنسا. أمّا اليوم، فمن خلال جماعة "أذكرني في ملكوتك"، أصبح هناك في حلي تنشئة إيمانيّة فاعلة بالإضافة إلى النشاطات الّـي تقوم بها الجماعة في حلب.
تهانينا لجماعة "أذكرني في ملكوتك"، ونسأل الله أن يوّفقكم في رسالتكم فتكون "جماعة على حسب قلب الله".

- كلمة الأرشمندريت فيليب رتشكا السمي الاحترام
راعي كاتدرائية البشارة للروم الملكيين الكاثوليك
وست ركسبري – ماساشوستس
You have to excuse me for speaking in English
But I find anyways you the Lebanese, you are very smart… you all speak 3 and 4 languages..
In America we say I’m lucky if I can speak English, never mind 3 or 4 other languages
Ouzkourni fi malakoutika started in our cathedral in Boston at the request of some of the lay people who after visiting Lebanon to see their relatives found out about it and wanted to bring it to the US.
And from our parish it spread to the nearby Maronite Church and the nearby Rum Orthodox Church, and then to other cities in Massachussets and even in Rhodes Island and Connecticut as well.
When the parishioners came to me I agreed to start the group, and it’s one of the happiest decisions I made in my pastoracy of the parish.
We have a beautiful fruit from the movement: first in praying for the departed. Part of what it happened in the US because people are very spread out. If you can imagine my parish covers an area as big as Beirut and I’m one church, one priest to cover such large area. And people are spread out. And when we had Arbana Nayeem – and these types of prayer for the departed - bringing people together and having asha was more than the prayer…. Even people would not come to the Qoddass but come to the asha ba3d al qoddass in the church hall.
So now I see much taking the prayer much more seriously
And the members of the group have really improved the spiritual life of our parish. They are participating in Bible study and are even the core of Bible study. Many of them have volunteered for Sunday school to teach the faith to our children, they’re helping in the celebration of the feast day we will have in 2 weeks, Eid el adra on August 15, and this is being organized and put together by Ouzkourni fi malakoutika. In May they organize the visit of Mirna to the US, Mirna al Soufanya, this is organized by Ouzkourni, and this was a tremendous blessing for our parish and many parishes that she visited in the US.
In general I would say they’re spearheading a better participation in the Qoddass to come to church number one, but when you’re thereto really pay attention and to pray and to take it very very seriously.
So one blessing leads to another and as one of my friends said: if you cooperate with the Holy Spirit, the Ruh el Qodos, the Holy Spirit cooperates with you. So I look forward to things being even better in the future as this beautiful group grows and spreads the word of God in our communities.
And finally thank you very much for the invitation to be here and for arranging my visit to Lebanon. Awwal marra ana bi Lubnen, and you’re doing a beautiful job and thank you very much.

Letter from the Most Reverend Bishop Gregory Mansour
I firmly believe that remembering a loved one who has died brings healing and love not only to the one remembered but also to the one who remembers.
The words of the good thief should be always our words, "remember me"!
We should also recall the words of Gibran Khalil Gibran who said, "remembering is a form of meeting".
May God bless our remembering and grant eternal rest to all our faithful departed.
+ Gregory
................................
5. اطلاق كتيّب "صلوات التعزية والرجاء" مع الاباتي سمعان ابو عبدو
التقديم: من رحِمِ الحاجةِ الإنسانيّةِ الماسّةِ إلى كلمةِ تعزيةٍ ورجاءٍ، تكونُ للقلوبِ بلسمًا شافيًا من جرحِ الرّحيلِ الأليم؛ مولودٌ جديدٌ، يبصرُ النّورَ بفرحِ طولِ الانتظار، كتيّبُ التّعزيةِ والرّجاء"، يُطلقُهُ الأباتي " سمعان أبو عبدو" عن لجنةِ الآباءِ الرّوحيّين؛ وهو راهب ماروني مريمي، رئيس عام الرهبانية المارونية المريمية سابقاً
حالياً، منسق مكتب راعوية الزواج والعائلة في الدائرة البطريركية المارونية – بكركي
أستاذ محاضر في جامعة الـحكمة، مرافق الجماعة منذ بداية التأسيس.
تليهِ ترنيمةُ اذكرني في ملكوتك " أنتَ الحياةُ يا معطي الحياة "، معَ صاحبةِ الصّوتِ الملائكيِّ، المرنّمة " نبيهة يزبك "؛ يتبعُها فيلمٌ وثائقيٌّ يجمعُ بينَ طيّاتِهِ مسيرةَ السّنواتِ العشرِ للجماعة: روحانيًّة، وأعمالاً، ونشاطاتٍ...الموتُ واقعٌ محتوم، أليمٌ، يُصيبُ كلَّ إنسانٍ، وعند حدوثِه، يذهبُ أكثريّتُنا إلى ممارساتٍ وثنيةٍ بعيدةٍ كلّ البُعدِ عن رجائِنا المسيحيّ بقيامةِ ربّنا من الموت. نغرقُ في بكاءٍ كئيبٍ، ونواحٍ رهيب... حزنٌ بلا رجاء. وأمام هذا الحدثِ المـَهيب، الكلّ يتضعضعُ، ويفقدُ كلَّ قدرةٍ على الكلام، والتّصرّفِ، تجاه أهلِ الفقيدِ، ونقفُ أمام الجثمان في الوَداعِ الأخير، مُشتّتي الأفكارِ، غائرينَ في حزنِنا، مُستسلمينَ لرحيلٍ، لا رجوعَ منه...
من هنا مسّتِ الحاجةُ، وألحّتْ على جماعةِ "اذكرني في ملكوتك" وضع كتيّب، من صُلبِ رسالتِها، كتيّب: "صلواتُ التّعزيةِ والرّجاء". فمِن خلالِه، تستطيعُ الجماعةُ أن تُشاركَ أهلَ الفقيدِ بالمرافقِة والتّعزيةِ وبثِّ روحِ الرّجاءِ والصلاةِ وإظهارِ رحمةِ الله. كما يُشكّلُ هذا الكتيّب الرّفيقَ والصّديقَ للمحزونِ، إن أراد أن يلتجئَ إلى كلامِ الحياة. وهو كذلك وسيلةٌ مميّزةٌ تساعدُنا على اكتشافِ حقيقةِ سرِّ الموتِ في ضوءِ نورِ قيامةِ يسوعَ المسيح من بين الأموات، بعيدًا من الكآبةِ المميتة.
ويتضمّنُ الكتيّبُ: صلاةَ المرافقة، وهي مجموعة صلواتٌ ليتورجيةٌ مختارةٌ من طقوس كنائسِنا. بالإضافة إلى قراءاتٍ من الكتاب المقدّس؛ من مزاميرَ، ورسائلَ، وأناجيلَ. كما يحتوي الكتيّب على مختاراتٍ من رسائلِ التّعزية للآباء القدّيسين، وتراتيلَ متنوّعة، بأسلوبٍ تسهُل قراءتُه، وبنصوصٍ بسيطةٍ ومنسّقةٍ لتكون بمتناولِ الجميع.
وقد وُضِعَ هذا الكتيّبُ في الاختبارِ قبل نشرِه كي يكونَ سندًا ومُساعدًا لكلِّ محزونٍ أو فاقدٍ للرّجاء، ولِمن هم في شبهِ موتٍ روحي، أو نفسيّ، بسبب اليأسِ أو المرض؛ ولأبناءِ الرّعيّةِ في مرافقةِ الأهلِ عند انتقالِ أحدِهم إلى البيتِ الأبدي؛ ولكلّ ِعائلةٍ محزونةٍ بحاجةٍ إلى صمتٍ وتأمّل، فيرافقُها الكتيّبُ لتعيشَ الحالةَ الجديدةَ بكلِّ رجاء.
كما تأملُ الجماعةُ أن يُساعد هذا الكتيّبُ على فهمِ معنى الموت في ضوءِ كلمةِ الله التي هي حبٌّ، ورجاءٌ، وقيامة.
أُعِدَّ هذا الكتيّبُ بإشراف لجنةٍ من الآباءِ الأجلاءِ المرافقينَ للجماعة وهم:
- الخوري الفاضل جوزيف سلوم، خادمُ رعيةِ مار فوقا غدير، أبرشيّة جونية المارونيّة.
- قدس الأب ملحم حوراني، خادم رعيّة رقاد السّيدة، المحيدثة-المتن، أبرشيّة جبل لبنان للرّوم الأرثوذكس.
- الأب الفاضل نايف سمعان البولسي، خادم رعيّة قسطنطين وهيلانة للرّوم الكاثوليك - جونية.
- قدس الأباتي سمعان أبو عبده، من الرّهبنة المريميّة.
بالإضافة إلى فريقِ عملٍ من المدقّقينَ والمصحِّحينَ والطّابعين، والمخرجين...
فشكرٌ من أعماقِ القلبِ، إلى كلِّ هؤلاء، وإلى كلِّ مَن ساهمَ من قريبٍ أو مِن بعيدٍ في ولادةِ هذا الكتيّب.
والشكرُ، كلُّ الشكرِ نتقدّمُ به إلى أصحابِ السيّادة الساميّ الاحترام على قُدسِ بركتِهم لهذا الكتيّب من:
- صاحبِ السيّادة انطوان نبيل العنداري الّذي نوّه إلى كون هذا الكتيّب دليلاً ورفيقًا روحيًّا يساعدُ على الصّلاةِ والتأمّلِ بكلمةِ الله، وقد نُهِلَتْ الصّلواتُ والقراءاتُ والطِلبات والابتهالاتُ والمزاميرُ والتبريكاتُ من المصادر اللّيتورجيّة الـمُتَّبعة في كنائسِنا الشرقيّة.
- صاحبِ السيّادة جورج خضر الّذي أوصى قائلاً: " عزّوا بعضُكم بعضًا بالروح الإلهي الذي فيكم وهو باعثُكم من قبرِ الخطيئةِ كلّ يوم حتى يَنهضَ الكونُ كلُّه بكم وتُصبحوا فرحَنا إلى الأبد".
- وصاحب السيّادة المطران كيرلس بسترس الّذي شدَّد على كونِ صلاتِنا من أجل الراقدين تعبيرًا عن رجائنا بأنّ الّذين فقدناهم قد عبرَوا مع المسيحِ إلى الحياة الأبديّةِ وعن إيماننِا بأنّنا نحن منذ الآن أحياءٌ مع المسيح. ختامًا، نرجو أن يكونَ هذا الكتيّب-المولود الجديد لجماعةِ "اذكرني في ملكوتك"، مُمهِّدًا لولادتِنا الجديدة والأخيرة في البيتِ الوالدي، في المجدِ السّماوي.
................................
6. مضمون الفيلم عن مسيرة نشاطات الجماعة وشهادات حياة

أبصرَتْ جماعةُ "اُذكرني في ملكوتك" النّورَ بنعمةٍ إلهيّةٍ حوّلَتْ أسى الحزنِ، إثرَ واقعِ الموتِ، إلى تعزيةٍ بالربِّ يسوعَ القائمِ من بينِ الأموات! أفاضتْ في قلوبِنا فرحَ الرجاءِ، لننطلقَ بعدَها في الأوَّلِ من حزيران 2006، نشهدُ لقيامةِ الربِّ "أنا القيامةُ والحياةُ، مَن آمنَ بي، وإن ماتَ فسيحيَا" (يو 25:11)، مُصلّين من أجل الإخوةِ الراقدينَ على رجاءِ القيامةِ والحياةِ الأبدية.
بمباركةِ الكنيسةِ، سلَكْنا في خدمتِنا الرسوليّةِ، بمشاركةِ المؤمنينَ في إثنتيْ وستينَ رعيّةً في لبنانَ وبلادِ الانتشارِ، كما أوصَانا ربُّنا وإلهُنا: "وأقمتُكُم لتذهبُوا وتأتوا بِثَمَرٍ، ويَدومَ ثمرُكم"(يو 16:15)، عامِلينَ على الثباتِ في مسيرتِنا بالتعمّقِ في كلمةِ اللهِ من خلالِ التنشئةِ، وتفسيرِ الكتابِ المقدّسِ في مركزِنا الرّوحيِّ في زوق مكايل. "فيا ربُّ، إلى مَن نذهبْ وكلامُ الحياةِ الأبديّةِ عندَك"(يو 68:6).
كذلك، نسعى إلى إيصالِ كلمةِ الحياةِ في رسالتِنا الشهرية "إلى إخوتي الخمسة" وإلى القيامِ بأعمالِ محبّةٍ.
وَعبرَ مسيرتِنا، نحرِصُ على تعزيزِ الرجاءِ في النفوسِ، وتبادلِ الخبراتِ الروحيّةِ وشهاداتِ الحياة.
كذلك، نولي الشبيبةَ اهتمامًا مميزًا لأنهم مستقبلُ الجماعة، إذْ تلتقي شبيبتُنا للتعمقِّ بكلمةِ الحياةِ وعيشِ الرجاء، عاملةً في نشاطاتِها على نقلِ الرسالةِ الى شبيبةِ الرعايا، لأنّهم مستقبلُ الكنيسة.
ومع أطفالِنا "أصدقاء غاييل" التي سبقَتْنا إلى حضنِ الآب، نسعى إلى إيصالِ رسالتِنا إلى الأطفال.
ولِدَعمِ نشاطاتِ مركزِنا الرّوحيّ، نُقيم عشاءً سنويًا بمشاركةِ جماعاتِنا في الرعايا، وموائدَ محبّةٍ للسيّدات.
وعلى موقعِنا الإلكترونيِّ، نسعى إلى نشرِ أهدافِ الجماعةِ واختباراتهِا وانتشارِها في العالمِ أجمع.
فكلُّ الشكرِ للعنايةِ الإلهيّةِ على رعايتِها لمسيرتِنا، في خِدمةِ رسالةِ صلاةٍ وايمانٍ ومحبةٍ، مُنشدِينَ على الدوام "اذكرنا يا ربُّ في ملكوتِك"، وراجينَ لأمواتِنا الرحمةَ العظمى. المسيحُ قام، حقًا قام!
................................
- شهادات الحياة

- يولا سلامة: بعد انتقال بنتي غاييل وكان عُمرا 11 سنة، بلشِّت صلّي مع الجماعة لَكُون على اتصال دايم معا. وهيك ساهمت رسالة "اُذكرني في ملكوتك"، بِتَقَّبُل فِكرة الموت وإنسى الحزن بِيرَجا مسيحي وصُرت انظُر للموت بِصورة إيجابية.
- تريز مدّور: سبب انتمائي إلى جماعة"اُذكرني في ملكوتك" هو رحيل ابني الوحيد "فانسان". فَقَبلَ انتقاله، كُنتُ أخافُ الموت. أمّا خدمتي لرسالة الجماعة، فعلّمتني أن الانتقال يعني الحياة، لا الموت. ولَم يَعُدْ الموت، بالنسبة لي، عذابًا وعقابًا، بل هو عبور إلى حضن الآب ورحمته الكبيرة، والحياة الأبديّة ، ورؤية وجه الرّبّ.
- سيّدة عون: نحن عائلة ، لنا ولدان في السّماء. وأتت جماعة "أُذكرني في ملكوتِك"، لتُطلقنا إلى الشهادة بقيامة الرّبّ، والبشارة بفرحِ السّماء، فلقاء الأحبّةدائم عبر قداديس "أُذكرني".
أصابني الموت بابني الصّغير رامي، وحوّلتني هذه الكارثة من يأسٍ أرضيّ إلى رجاءٍ سماويّ، فصمّمت على بناء كنيسة لمار شربل، رحمةً عن ابني وضَلّ معو على ارتباط دايم. وانضميت لجماعة "أُذكرني"، وصرت صلّي للموتى لأنّو آمنت بحقيقة الاتحاد بين حياتنا الأرضيّة والملكوت.
خدمتي جعلتني كون انسان محبّ وخلّي غيري يصلّوا ليضلّ اللّقاء الروحيّ بين الأرض والسّماء
................................
- البعد الرعائي والرسولي وأهمية دورالشبيبة

التقديم: لجماعةِ " اذكرني في ملكوتك " المسيحيّة، أبعادٌ وأهدافٌ ورؤى متعدّدةٌ ومختلفةٌ، يُطلعُنا عليها تباعًا كلٌّ من
- الخوري جوزيف سلوم، عنِ البعدِ الرّعائيِّ للجماعة.
وهو خادمُ رعيّةِ "مار فوقا" غادير، مرشدٌ للجماعة، من أبرشية جونية المارونية.
– الأب ابراهيم سعد، عنِ البعدِ الرّسوليِّ للجماعة.
وهو خادمُ رعيّةِ "القدّيس نيقولاوس" بلونة، مرشدٌ للجماعة، من أبرشية جبل لبنان الارثوذكسية.
– الأب ميشال عبّود، عن أهميّةِ دورِ الشبيبةِ في الجماعة.
وهو راهبٌ كرمليّ، مرشد للشبيبة.
................................
7. البعد الرعائي مع الخوري جوزف سلوم

أتذكر، في أثناء زيارة قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني لبنان، أنّه فاجأ الشبيبة في لقائه بهم في 10 أيّار 1997 في حريصا، عندما خرج إلى شرفة البازيليك وقت العظة وقال: "ما أجمل هذا الأفق". في ذلك الحين، اعتقد الكثيرون أنّه يتكلّم عن خليج جونية، بينما كان قداسته يقصد بكلامه الشباب. وأنا اليوم، على غرار قداسة البابا أقول "ما أجمل هذا الأفق". يصادف اليوم، عيد الخوري آرس، شفيع كلّ الكهنة، لذا أطلب منكم أن تُصلّوا لنا نحن الكهنة، ونحن نصلّي معكم من أجل كلّ المرشدين.
إنّ حديثي اليوم، يتناول مقدّمة وثلاث أفكار، الفكرة الأولى: تحديد مفهوم الجماعة، الفكرة الثانية: تكوين جماعة "أذكرني في ملكوتك"، وأمّا الفكرة الأخيرة فهي بعنوان: "من أجل رعويّة جديدة للموت".
نحن نعيش في عالم يشهد الكثير من المتغيّرات، إنّه عالم فوضويّ، عالمٌ مليء بالتحدّيات والأزمات الّتي تطال حياتنا كلّها، لا سيّما الرعيّة، الكنيسة، والجماعات. إنّ الكنيسة الّتي هي علامة الأزمنة تحاول باستمرار أن تشقّ طريقها وسط هذه التحديّات الكثيرة، والتي سوف أقوم بذكر أربعة منها. إنّ الأزمة الأولى الّتي يعاني منها عالمنا هي أزمة الهويّة، إذ إنّه مليء بالاستنساخات ويفتقر إلى الإبداعات، فإنسان هذا العصر غالبًا ما يقوم بأمور لا يعرف أسباب قيامه بها. أمّا الأزمة الثانية فهي أزمة الصورة إذ إنّ عالمنا غالبًا ما يفتقر إلى شهادات حيّة، إلى أمثلة ونماذج حياتيّة، إلى شراكة المحبّة. أمّا الأزمة الثالثة فهي أزمة الانتماء والالتزام. إنّ عالمنا اليوم، غالبًا ما يبحث عن ثقافة المؤقت، إذ لا يبحث عمّا يدوم ويتطلّب صبرًا وجهدًا، بل يبحث عمّا هو سريع وفوريّ. هذه الأزمة نستطيع قراءتها من خلال إلتزامات الشبيبة في جماعات لا تعدّ ولا تُحصى، وإنّنا لا ننسى أنّ أزمة الانتماء الموجودة في مجتمعنا تتجلّى من خلال العمل الفرديّ، وعيش الفردانيّة. وأما الأزمة الأخيرة فهي أزمة المفاهيم والذهنيّات المختلفة: إنّ شبيبتنا تعاني من أزمة اقتصاديّة كبيرة فهي تسعى وراء المأكل والملبس، أضف إلى ذلك التّحدي الأمنيّ الّذي يعاني منه اليوم، العالم بأسره، وفي وسط كلّ هذه الثورة المعلوماتيّة الّتي نعيشها، تتغيّر ذهنيّات النّاس ومفاهيمها الكثيرة. وهنا تكمن المشكلة الأكبر إذ ما عاد النّاس اليوم، يفكّرون بمعنى الوجود، وبمعنى الحياة وبمعنى الموت، وبقيمة الحياة.
أوّلا تحديد الجماعة: لكي تتشّكل جماعة رعويّة، لا نادٍ أوحزبٍ أو تجمّع، يجب أوّلاً الإستناد إلى الكتاب المقدّس في سفر أعمال الرّسلّ الّذي نقرأ فيه، أنّ الرّسل كانوا يواظبون على أمور أربعة أساسيّة واجب توفرّها من أجل تكوين جماعة مسيحيّة. أوّلاً الصلاة: كان الرّسل يواظبون على الصّلاة فعلينا أن نصلّي سوّيًا؛ ثانيًا، المواظبة على تعليم الرّسل؛ ثالثًا، كسر الخبز معًا، ورابعًا، شراكة المحبة. فكلّ جماعة هي قبل كلّ شيء، جماعة كنسيّة أي مرتبطة بالسلطة الكنسيّة بشخص الأسقف، وبالرعايا بشخص الكاهن. من هذا المنطلق، نرى كم أنّ جماعتنا هي حريصة في كلّ مسيرتها على هذه الهويّة.
ثانيًا : تكوين جماعة "أذكرني في ملكوتك": إنّ جماعتنا هي نعمة من الله بدأت تنمو وتكبر. لذا فكّرنا بضرورة الالتقاء، إنّ هذا الانتشار الكبير في اثنتي وستين رعيّة وجماعة، يتطلّب عملاً مشتركًا وهذه هي مسؤوليتنا الكبيرة. فمن المهمّ جدًّا في قلب الجماعة أن تكون الأهداف واضحة، وألّا يُحاد عنها حتّى مع مرور الوقت. ومن المهمّ جدًّا أن تبقى الأهداف واضحة وذلك للمحافظة على الخصوصيّة والفرادة، إذ أصبحت هناك جماعات كثيرة، تنشأ من مجرّد لقاء في جولة سياحيّة، أو من خلال لقاء في عيد معيّن، وقد أصبح هناك جماعات كثيرة لديها الأهداف ذاتها. من يسهر على ذلك؟ إنّ جماعتنا لديها خصوصيّة، رسالتها الرّجاء في قلب عالم الموت والحزن. إنّ مثل تلك الجماعة غير موجود في الكنيسة. علينا احترام مواهبيّة كلّ جماعة، خصوصيّتها، تاريخها. فلكلّ جماعة قوانينها ونظامها إذ لا يتطلّب الأمر أكثر من محامٍ بارع فيكتب لنا النِّظام. لكن البطولة، تكمن في إعادة خلق تناغم بين القوانين والرّوحانيّة، وهذا ما نحن بحاجة إليه. إنّ نشأة كلّ جماعة يجب أن ترتكز على ثلاث فئات: أوّلاً، دور الكاهن في قلب الجماعة إذ له دور مهمّ، فكلّ مسؤول عن جماعة فيما بيننا يجب أن يكون عمله الرئيسي والأساسيّ مع كاهن الرّعيّة. ثانيًا، فريق المسؤولين، الّذي يهتمّ ويسهر، وهذا أمر ناجح جدًّا في جماعتنا. وأخيرًا كلّ جماعة تتألف من أعضاء. لكن أودّ أن أتطرّق بكلّ بساطة ووضوح وصراحة إلى أنّ بعض الجماعات في الكنيسة لديها رؤساء من أجل الاهتمام بالذبيحة الإلهيّة فقط، ولكنّها تخلو من الأعضاء، وهنا يجب العمل على خلق جماعة بكلّ ما للكلمة من معنى، وهذا أمر مهمّ جدًّا يجب العمل عليه.
ثالثًا، المجالات الّتي نعيشها في رعايانا.
أوّلاً القدّاس. إنّ القدّاس هو محور في رسالة "أذكرني في ملكوتك"، إنّه الأهمّ في رسالة "أذكرني في ملكوتك"، وهو يقام بطريقة شهريّة في العديد من الرعايا غير أنّه يقام أكثر من مرّة في الشهر في بعض الرعايا. وإن إتقان القداس يكون في دعوة النّاس المحزونين إليه. وهنا أودّ أن أعطي خبرة صغيرة في رعيتنا، إنّ المسؤولة في جماعتنا عندما تعلم بأنّ أحدًا قد توفي في الرعيّة، تقوم بزيارة أهله والاتصال بهم من أجل أن تدعوهم للمشاركة في قدّاس "أذكرني" الشهريّ، فيأتون ويشاركوننا في القدّاس ويتعرّفون إلى الجماعة.

ثانيًا، في ما يخصّ الاجتماعات، يجب أن يكون هناك اجتماعات بين المسؤولين كي لا يكون العمل فرديًّا،كذلك لقاء الجماعات الرعويّ مهمّ، إذ يجب أن يكون هناك اجتماع شهريّ على الأقلّ، إضافةً للقدّاس. إنّ الاجتماعات الشهريّة الرعويّة مهمّة جدًّا، ويجب أن نعطيها بُعدها المهمّ للتنشئة وللحوار في الأمور الإداريّة وغيرها. إنّ تواتر الاجتماعات في البعد الإجتماعي والنفسي والروحيّ، يخلق الجماعة. إنّ الجماعة الّتي لا تجتمع تموت بالتأكيد بعد مرور فترة من الزمن، إذ إنّه من المهمّ جدًّا خلق هذا النمط من الحياة الجماعيّة، ومن هنا نرى ضرورة الدعوة وإطلاق الصوت في الرعية من أجل الانضمام إلى الجماعة في قلب رعايانا.
ثالثًا: الحياة المشتركة: في العمل الجماعيّ، من الضروريّ أن نعيش حياة مشتركة، وألّا يكون هناك من عمل فرديّ في الموضوع.
رابعًا، الانفتاح والمشاركة مع الجماعة، مع المركز الرئيسي مهمّ جدًّا، إذ لا يمكن لكلّ جماعة أن تعمل بمفردها، من هنا ضرورة الانضمام إلى لقاءاتنا الرّعويّة العامّة كالرياضات الروحيّة العامّة، وبذكرى تأسيس الجماعة في مكان معيّن، أن نكون جميعنا حاضرين في هذه الاحتفالات.
الفكرة الأخيرة: من أجل رعويّة جديدة للموت. وفي هذا القسم سوف أتطرق إلى ثلاث نقاط مهمّة. أوّلاً التنشئة، ثانيًا حياة الجماعة، وأخيرًا البعد الرسوليّ أي الرسالة الّتي يجب نشرها. أوّلا التنشئة: يجب أن يكون هناك مواضيع روحيّة واجتماعيّة دائمة، تواكب التقنيّات الحديثة، وتمكننّا من أن يكون لنا موقعنا الفريد في الجماعة.كما أنّه يمكننا قراءة مواضيع روحيّة كثيرة عبر الانترنيت الّـتي من شأنها أن تعزّز تنشئتنا الروحيّة،كما يمكننا الاستفادة من المواضيع الّتي تُعطى في الرعيّة أيضًا، وفي أماكن أخرى أيضًا.غير أنّ هذه المواضيع الروحيّة يجب أن تُعطى بطريقة شهريّة داخل الرعايا، فهي تساعدنا للتفكير في تنشئتنا الخاصّة. أمّا البعد الثاني، فهو بُعد الحياة الجماعيّة. إنّ الحياة الجماعيّة المشتركة لها أبعادها إذ تعكس شهادة معيّنة، ويصبح لدينا فكر معيّن، وتصبح لنا حياة عمل فريقي من شأنها أن تساعدنا للعمل في الرعيّة، ومساندة الكاهن في رسالته ضمن الرعيّة. والبعد الثالث الّذي أريد التّكلم عنه في قلب عملنا الرعائي، في قلب وجودنا، فليس علينا انتظار قراءة ورقة نعوة كي نزور أهل الفقيد، أي يجب أن نتصرّف على أنّنا من أهل البيت، أي يجب ألاّ ننتظر أن يموت شخص معيّن واعتباره أنّه من ضمن الجماعة لنزور عائلته ولنبدأ عملنا الرّسولي، فإن أردنا تفعيل دورنا الرسوليّ في رعايانا، علينا زيارة عائلات كلّ فقيد في الرّعيّة عندما يفقدون أحد الأعزّاء، علينا أن نكون حاضرين فنأتي قبل وقت الدّفن من أجل الصلاة ونجالس أهل الفقيد، ونقوم بالمرافقة. وهنا تبدأ رسالتنا بخلق حالة الرّجاء من خلال تصرّفاتنا الّتي تدّل على رجائنا، وخاصّة أنّ الأباتي قد سبق وذكر أنّ هناك بعض التصرفات الوثنيّة الّتي نقوم بها في حالات الوفاة وبخاصّة إن كان الفقيد هو شاب، عبر إطلاق الرصاص. علينا أن نتوصل من خلال الكلام مع أهل الفقيد إلى إقناعهم بتغيير تلك التّصرفات من خلال خلق رعويّة جديدة. وأيضًا، لا أستطيع أن أنكر أهميّة رسالتنا مع المرضى المشرفين على الموت. كم هو مهمّ عندما تتكون الجماعة، أن نزور المرضى، ونرافقهم داخل الرّعيّة وهؤلاء يمكن معرفة أماكنهم من خلال الكاهن الّذي يزور المرضى في الرعيّة ويناولهم، من أجل أن نكون معه. علينا أن نفكِّر في رسالتنا تجاه ذواتنا، إذ إنّه من السهل أن نفكّر في خلاص كلّ النّاس ونخلق رعويّة جيّدة من أجل أن نساعد الجميع لكي يكونوا قريبين من يسوع، وأنا المعنيّ أوّلاً، أعمل للآخرين من دون أن أفكِّر في ذاتي. عليّ أوّلاً أن أُنمّي ذاتي، جهوزيّتي، أن أحضِّر جهازي. أريد أن أخبركم عن امرأة في الرعيّة لم تتزّوج وهي الآن مسنّة.كان الأقرباء يأتون إليها ويطلبون منها أغراضًا من أجل جهازهم، كي يبقى لهم تذكار، لم تكن تقبل إذ كانت تقول لهم إنّه جهازها. وعند وفاتها في أثناء الوعظة، استعملت هذا التعبير أنّ على كلّ واحدٍ منّا أن يأخذ معه جهازه، أي ما أكون قد حَضّرته معي.
إخوتي، عليّ أن أُحضِّر ذاتي قبل أن أحضّر الآخرين وذلك قبل انطلاقي للرسالة مع الآخرين. إن رسالتنا اليوم، على قدر ما تكون فيها طرق جديدة من أجل أن نرافق مرضانا وأمواتنا وذواتنا، على قدر ما نخلق حالة جديدة في الكنيسة، تنتظرها هذه الأخيرة وتشجِّعها وتباركها.
ملاحظة: دوِّنت بتصرّف.
................................
8. البعد الرسولي

"ألستُ أنا حرًّا؟ أوَلَستُ رسولاً؟ أما رأيت يسوع ربّنا؟ ألستم أنتم عملُ يديّ في الرّبّ؟" هذا هو عنوان جماعة "أذكرني في ملكوتك" ببُعدِها الرّسوليّ.
حسب قرائتي الخاصّة، إنّ الجماعة لا يمكن أن تكون وليدة المزاج، إنّما هي ناتجة عن فعل إرادة تسبقها رغبة وتنتج عنها قدرة. وبالتّالي، على أعضاء جماعة "أذكرني في ملكوتك"، أن يتمتّعوا بهذه القدرة والإرادة والرغبة، وأنا أوصي كلّ فردٍ منها قائلاً لهم: إيّاكم وخسارة الرغبة، اثبتوا في الإرادة واسعوا إلى القدرة، لأنّه بتلك الطريقة فقط يتحقّق البعد الرسوليّ لجماعتكم، فأنتم جماعة، أعلمتم ذلك أم لا، تقتحم عتاقة الحياة لتزرع جِدَّة الحياة، فالويل لكم إن لم تشعروا بأهميّة جماعتكم، وبتلك المسؤولية الملقاة على عاتقكم. ولهذا، يقول بولس الرّسول في إحدى كتاباته إنّه لا فخر له إن بشَّر، فهذا واجبٌ عليه، والويل له إن لم يبشِّر. فالرسول مؤتمن على الرسالة، وعليه نقلها للآخرين عبر البشارة بها مرغمًا كان، أم طوعًا. يا أيّها الإخوة، إنّ الرّسوليّة بذرةٌ زُرعت في لحظة معموديّتنا وصارت من طبيعتنا، ولكنّ الإنسان قد يقوم بإهمالها كما هو فاعلٌ في أمورٍ أخرى أساسيّة في حياته. إنّ الإنسان الّذي يخرج من جرن المعموديّة، يُعطى مسؤولية نقل الكلمة، ومهمّة التبشير بها، وبالتّالي عليه أن يقلِّدها آخرين، أي أن يسلّمها لآخرين، ومن هنا مسؤولية نقل التقليد الكنسيّ من جيل إلى جيل.
إنّ قول بولس هذا:"أوَلَستُ حرًّا؟" يطرح لنا إشكاليّة كبرى في البعد الإرساليّ، وهي مسألة الحريّة. إنّ الحريّة تقال مرّة واحدة، وبعد قول هذه الكلمة، يبدأ الإنسان يشعر بمفعول كلمة "عبوديّة" إلى يوم مماته، أي أنّ الإنسان يبقى حرًّا إلى أن يختار ويلتزم بأمرٍ معيّن، لأنّه بعد ذلك يصبح عبدًا للكلمة الّتي التزم بها. إنّ كلّ حبٍّ يجمع العبوديّة والحريّة في آن، ولكن عبوديّة الحبّ هي عبوديّة طوعيّة، إذ يختارها الإنسان بإرادته من دون أن يكون مجبرًا عليها.
وهنا أريد أن أختصر رسالة هذه الجماعة بثلاث كلمات أساسيّة وهي: أوّلاً، إنّها جماعة رسوليّة ملتصقة بالكلمة المحمولة بالرّوح، والحاملة الرّوح، وثانيًا، هي جماعة إرساليّة إذ عليها القيام بمسيرة، وأخيرًا ، هي جماعة "رساليّة"، أي إنّها تحمل رسالة، فأعضاء هذه الجماعة ما عادوا حاملي رسالة، إنّما أصبحوا هم ذواتهم رسالة للآخرين من خلال طريقة عيشهم. فإن لم يتحلَّ أعضاء هذه الجماعة بهذا الحلم أي بهذه الرغبة والإرادة والقدرة، يصبح هذا الاحتفال بذكرى السنوات العشر على تأسيسها بمثابة جنازٍ أربعينيِّ لها.
إنّ التّحديّات الّتي تواجهها الجماعة والمخاوف الّتي تتعرّض لها كثيرة، نذكر منها أوّلاً: ضغط الزّمن، إذ إنّ مسيرة تلك الجماعة في عشر سنوات ما كانت بالأمر السّهل، وضغط الزّمن يكمن في أنّ النتيجة قد تكون قليلة نسبةً للجهد المبذول في هذه الفترة الزمنيّة الطويلة نوعًا ما. ثانيًا، ضغط الاعتراضات والمجابهات الّتي تتعرّض لها الجماعة وبخاصّة من أشخاص لم تكن الجماعة تتوّقع منهم هذه المجابهة. ثالثًا، ضغط الأحلام الكبيرة الّتي تتمنّى الجماعة تحقيقها، غير أنّ أسبابًا عديدة تساهم في التباطؤ في تحقيقها. رابعًا، ضغط الغرور والعُجب بالنّفس الّذي قد يعاني منه الإنسان ويدفعه إلى التّعالي. خامسًا، ضغط ضعفنا وخطايانا والّتي تدفعنا في الكثير من الأحيان إلى الشعور بالضجر والملل والرغبة بالإنسحاب والهروب،.كلّ ذلك يشكِّل ضغطًا تتعرّض له الجماعة في مسيرتها.
أخيرًا، أطلب منكم إخوتي، ألاّ تجعلوا من وجودكم على الأرض، وليد صدفة من نتاج بشريّ بحت، بل اجعلوا من وجودكم فرصة في مخطط إلهيّ. آمين.
ملاحظة:دُوِّنت بتصرّف.
................................
9. اهمية دور الشبيبة
يخبرون عن ولدٍ سأل أمّه في أحد الأيّام قائلاً: "مع من سألعب يا أمّاه حين يكبر رفاقي؟". إنّ هذا الولد قد اعتقد أنّه سيبقى ولدًا وأنّ رفاقه سيكبرون وحدهم دونه.
إنّ الجماعة تنمو وتكبر، وهي بحاجة لمن يتابع المسيرة. إنّنا نؤمن أنّ جماعتنا هي في قلب الكنيسة الّتي ما زالت شابّة متجدّدة على الرغم من عمرها الّذي قد تخطّى الألفي سنة. إنّ كنيستنا ما زالت شابّة لأنّ عريسها ومؤسسها هو ابن ثلاثين سنة، وهو ما زال شابًا يضخّ في عروسه الكنيسة حيويته، وهو ما زال يضخّ فينا روح الحيويّة ويدفعنا إلى الأمام، إلى السير نحو المستقبل الّذي هو في يده فقط.
لقد قال أحد المفكرين إنّ الطفل يفكّر في الحاضر، والعجوز في الماضي أمّا الشّاب فيفكِّر في المستقبل. إنّ شبيبتنا تفكِّر في المستقبل، وهم محّط أنظار الكنيسة والعالم بأسره، هذا ما قاله البابا فرنسيس في أيّام الشبيبة العالميّة مؤخرًا، وأضاف إنّ العالم كلّه ينظر إلى الشبيبة، فإن نجحت في التفوّق، صفّق لها الجميع، وإن أخفقت أشفق عليها الجميع. إنّ شبيبتنا تصعد نحو العلى وبها تتحقّق أمال كلّ الجمعيّات الكنسيّة والإلحاديّة والعلمانيّة والدوليّة، ومن بين هذه الجمعيّات، جماعة "أذكرني في ملكوتك". إنّ جماعة "أذكرني في ملكوتك"، هي علامة فارقة حيث تتواجد وإن لم تكن كذلك، وَجُبَ عليها الاندماج مع جمعيّات أخرى. وبالتّالي فعلى كلّ من يلتزم في هذه الجماعة أن يكون علامة فارقة، وهذا ما يعيشه شبيبة الجماعة، الّذين يشكِّلون مستقبل الجماعة وأملها.
إنّ العمل مع الشبيبة ليس بالأمر السّهل، كما يعلم الجميع، وهو يواجه صعوبات عديدة، ولذا نحن، في عملنا مع الشبيبة، نركِّز على أمرين أساسَيْن وفي غاية الأهميّة، وهما شعور الشبيبة بالانتماء، وإعطائها مرجعيّة ثابتة حقيقيّة. إنّ الشّاب اليوم لا يشعر بالانتماء، وهذا ما يبرّر انتسابه إلى عدّة جمعيّات في آنٍ، كما أنّه يعاني من نقص في المرجعيّة، إذ يستطيع أن يسافر لمدّة طويلة من دون أن يهتمّ لعائلته، وهذا ما يبرّر عدم وجود مرجعيّة ثابتة. إنّنا نريد أن نجعل من الكنيسة مرجعيّة كلّ شابٍ، لذا نقوم بإعطائه التعاليم المسيحيّة، ولكنّ المشكلة تكمن في أنّ شبابنا اليوم، لا يتمسّكون بهذه التعاليم بل يتركونها ما أن يشاهدوا على الإنترنيت أفلامًا ومشاهد مغايرة للتعاليم الصحيحة، وهذا نتيجة عدم وجود مرجعيّة يرتكز عليها الشباب. إنّنا نسعى في جماعتنا لأنّ تكون الكنيسة هي مرجعيّة كلّ شاب من شبيبة الجماعة.
والسؤال الّذي يُطرح علينا اليوم هو: من هي شبيبة "أذكرني في ملكوتك"؟ إنّها شبيبة مؤلفة من حوالي عشرين شابًا وشابةّ، تجتمع بشكلٍ شهري، وهي تشكِّل نواة لمستقبل الجماعة. أمّا السؤال الّذي يُطرح الآن فهو: لماذا يستمّر هؤلاء بالمجيء، وما الّذي يدفعهم للاستمرار بالتزامهم في الجماعة؟ إنّ الآلاف قد تبعوا يسوع في مسيرته الأرضيّة غير أن الّذين أكملوا المسيرة معه حتّى أقدام الصليب هم قلائل، وهنا نذكر ما وعد به يسوع تلاميذه: "أنتم الّذين ثبتم معي في مِحَني، أوصي لكم بالملكوت". إن هذه الشبيبة، شبيبة "أذكرني في ملكوتك"، هي على حسب قول الإنجيل الحجارة الحيّة الّتي تبني الجماعة والكنيسة مستقبلها عليها، فإن كان البنيان ضعيفًا فسوف يُهدم عند أوّل صعوبة، أمّا إن كان البناء جيّدًا وصالحًا فلن تتمكّن أيّة صعوبة من هدمه، غير أنّه في بعض الأحيان قد يكون الأساس صالحًا، غير أنّ الحجارة لا تكون كذلك، لذا يسقط البناء عند أوّل صعوبة، على الرغم من بقاء الأساس صامدًا. إنّنا نعمل مع الشبيبة وفق البرنامج التّالي: إنّنا نجتمع بشكلٍ شهري، واجتماعاتنا تتمحور حول مواضيع تنشئة مسيحيّة مختلفة متنوعة تتضمّن مواضيع كتابيّة، وتعاليم الآباء، وتعاليم الكنيسة الجامعة. إنّ هذه الشبيبة أيضًا تعيش، في قلب جماعتنا، الرّوح المسكونيّة، إذ إنّ أعضاءها ينتمون إلى كنائس مختلفة، وهم بالتّالي يكتشفون معًا غنى الكنيسة الّذي يكمن في الاختلافات وليس في الخلافات. كما أنّ هذه الشبيبة تعيش الرّوح الجماعيّة فيما بينها، هذه الرّوح الّتي نفتقدها في عالمنا اليوم، وهذا ما نراه جليًا في العائلات إذ إنّ لكلّ شخصٍ من أفراد العائلة ما يلزمه لكي يعيش منعزلاً عن بقيّة أفراد العائلة فعلى سبيل المثال، نرى أنّ لكلّ فردٍ من العائلة تلفازه الخاصّ الّذي لا يتشارك مع الآخرين فيه. إنّ البابا فرنسيس يشجّع الشبيبة على عيش روح الجماعة، وإلى نبذ الفرديّة، وهنا نتذّكر قول القدّيس يوحنّا الصليب الّذي يقول في هذا المضمار، إنّ الجمرة الّتي تشتعل وحدها لا تلبث أن تنطفئ. إن شبيبتنا لن تشعر بالخجل من عيش انتمائها ضمن مجتمعها عندما ترى أنّ شبيبة أخرى تعيش الانتماء نفسه.
إن شبيبتنا، أسوةً ببقيّة الشبيبة في لبنان، أقامت لقاءً عامًّا ضمّ أعضاءها، وذلك في الثالث عشر من تشرين الثاني من السنة الماضية، وكان ذلك في دير الكرمليّات في الفنار. ولم يكن العدد يومًا معيارًا لنجاح أيّ عمل رسوليّ، فإنّنا نشكر الله كلّ حين على الشبيبة الّتي شاركت في هذا اللّقاء، فهي قد حضرت لتسمع شهادات الحياة، وتستمع لتعاليم الكنيسة، وتتشارك في حلقات حوار، كما نحن فاعلون اليوم. مع هذه الشبيبة، بدأنا التأسيس، وهي تشكِّل اليوم نواةً في جماعتنا، ونحن نطمح إلى الانطلاق صوب الرعايا، في مرحلةٍ لاحقة، لأنّ الشاب يسمع من الشاب، وبالتّالي تتحوّل هذه الشبيبة النّواة إلى شبيبة رسل في قلب رعاياهم ومجتمعاتهم، وفيهم ينطبق القول بأن شجرة واحدة تعطي أعواد كبريت كثيرة، غير أن عود كبريت كافٍ لإشعال غابة بأسرها. إنّ هذه الشبيبة قادرة على إشعال نار وحرق أمورٍ كثيرة ترفضها، وعندما تتمكّن هذه الشبيبة من إشعال النّار يتمّ فيها قول المسيح القائل إنّه جاء ليشعل نارًا في هذه الأرض، وما أشدّ رغبته أن تكون قد اشتعلت.
إنّ العديد من الشباب الّذين انتقلوا من بيننا إلى السّماء، قد يكونون السبب في وجود العديد من بينكم معنا اليوم في هذا اللّقاء، وفي هذه الجماعة. إنّ هؤلاء الشباب الّذين غادرونا هم شفعاؤنا، صحيح أنّهم لم يستطيعوا أن يُكملوا مسيرة هذه الحياة معنا، لكنّنا نحن أهلهم، ونحن مستمّرون في هذه الحياة، لذا علينا أن نصلّي لهم، لأنّنا نؤمن بالحياة. وبما أنّنا نؤمن بالحياة، نحن نعلم أنّ هذه الجماعة هي من الله.
وهنا أوّد ان أختم بقصّة غالبًا ما يخبرنا بها البابا بندكتوس في أحاديثه مع الصحافيّين، وهي أنّه في أحد الأيّام، رآه أحد الكهنة الشباب وسأله عن سبب انشغال تفكيره الدائم، فأجابه قداسة البابا بأنّ رعاية الكنيسة هي همّه الكبير وهي محطّ تفكيره الدائم، عندها اعترضه الكاهن الشاب قائلاً لقداسته، أن يكفّ عن التفكير في همّ رعاية الكنيسة لأنّ الكنيسة ليست له، أي ملكيّة خاصّة، إنّما هي للمسيح الّذي هو مؤسِّسها وهو الكفيل برعايتها. هكذا هو الأمر بالنسبة لنا، فإن جماعتنا هي لله وهو الّذي يهتّم بها ويرعاها.
ملاحظة: دوِّنت بتصرّف.
................................
10. حلقات حوار: أسئلة وإجابات

- المجموعة الاولى
1- في إنجيلِ العذارى الحكيمات والجاهلات (متى 25/ 1-13)، يَظهر موقف يسوع مِن كلّ من المجموعتين: ونحن، كيف نكون من العذارى الحكيمات؟
2- ما أهميّة الصّلاة من أجل الرّاقدين؟ وعلامَ ترتكز الصّلاةُ من أجلِهم؟
3- ما هو دورُ أعضاء جماعة "اذكرني في ملكوتك" في الرعايا؟ وكيف يساهمون في مرافقةِ الحزانى ومؤازرتهم إزاء واقعِ الموت الأليم؟ أيعمل كلّ منا بِجِّدية، خلال مسيرته الرّوحية، لنيل الحياة الأبدية، وعيشها منذ الآن؟ وكيف؟

1. للتشّبه بالعذارى الحكيمات، علينا أن نكون صالحين، وأن نجسّد الإنجيل في حياتنا، فنحيا في شركة مع الربّ يسوع الّذي أعطانا كلّ ما هو مفيدٌ وخيّرٌ لنا؛ فحياة الأرض هي تحضيرٌ لحياة السَّماء، والله هو مصدر الفرح وكلّ ما هو غير ذلك هو مصدر جحيم وشقاء. علينا أن نعمل بالمحبّة والرّحمة، ونعيش كلمة الله بملئها على الأرض، ونتوب عند كلّ فرصة، وأن نعمل كالعبد الأمين، لنكون على استعداد لملاقاة الربّ، والظفر بمجد الحياة الأبديّة.
2. نصلّي لأمواتنا لأننا نؤمِن بأنهم انتقلوا إلى الحياة الأبديّة، إلى جوار الربّ، القائم من بين الأموات، وهو باكورة الراقدين، نصلّي لأجلهم إيمانًا منّا بأن الموت لا يستطيع قطع رابط المحبة الذي يجمعنا بهم بالمسيح. لأنّنا جميعًا نشكلّ جسد المسيح السريّ. ترتكز صلاتنا لأجلهم على الاشتراك في الذبيحة الإلهيّة، حيث نصلّي معهم ولأجل بعضنا البعض، نتحّد بهم في القربان الأقدس مع شخص يسوع المسيح من أجل خلاص الجميع.
3. نحن، كأعضاء في جماعة "أذكرني في ملكوتك"، نسعى إلى عيش رسالتنا الإيمانية، بمشاركة المؤمنين، وإلى بثّ روح الرجاء المسيحي في نفوسهم، وتذكيرهم بأهمية الصلاة من أجل أمواتنا، ودعوتهم للمشاركة في القداس الإلهي من أجل الراقدين، الذي هو مصدر تعزية لنا جميعًا. كما نعمل على مساندة الحزانى في الألم، كي يتخطّوا الحزن على ضوء قيامة المسيح، ونحثّهم على قراءة الكلمة الإلهيّة لتقوية إيمانهم. من أجل استمرارية خدمة رسالتنا في الكنيسة، نلتزم فيها حضورًا وخدمةً وسعيًا. بكلّ جدية وغيرة رسوليّة من خلال المشاركة في القداس الإلهي من أجل أمواتنا، التعمّق في كلمة الانجيل، والسلوك بها، من خلال محاضرات تفسير الكتاب المقدس، والتنشئة حول حقيقة قيامة المسيح والحياة الأبدية، ومؤازرة الحزانى. كذلك، نعمل على انتشارها في الرعايا، ونقلها غلى الشبيبة والأطفال.

- المجموعة الثانية
1- أقامَ يسوع صديقَه اليعازر الشّاب من الموت (يو 11)؛ ونحن ما موقفنا من موت الشّباب؟
2- كيف كانت نظرة كلّ منا إلى الموت، قبل انتمائه إلى جماعة " اذكرني في ملكوتك"، وكيف صارت بعدها؟
3- كيف نستعدُّ منذ الآن، لساعةِ موتِنا؟

1. عندما يموت شابٌ، كثير من التساؤلات ترد على خاطرنا! لمَ يرحل في ربيع العمر؟ ونحن بنظرنا أن الموت يطال عمر الشيخوخة! وهنا تكون الصدمة كبيرة! علينا أن نتشدّد بموقف العذراء مريم عند موت ابنها على الصّليب، وهو معطي الحياة! علينا أن نتطلّع إلى المشهد الإنجيلي في إقامة لعازر من الموت، فندرك أن الربّ هو القيامة وسيقيم كلّ مَن يؤمن به، ويمنحه الحياة الأبديّة. لذلك، نلتزم بالربّ يسوع الحيّ ونبشِّر به.
2. قَبْل انتمائنا إلى جماعة "أذكرني في ملكوتك"، كانت نظرتنا للموت على أنّه نهاية. وما كُنّا نُدرِك معنى الحياة الأبديّة على اعتبار أنَّ أحدًا لم يمت وعاد ليُخبرنا بأنّ هناك حياة أخرى. ولكن مع الجماعة، عرَفنا أنَّ يسوع عاد وأعلن لنا الحقيقة العظيمة، حقيقة قيامته، وحياة القدّيسين هي أكبر دليل !
3. الحياة مع الله على الأرض هي عيْش السماء، والبعد عنه وحدة وتعاسة. نتحضّر لتلك الساعة ولا ندري "متى يأتي السارق في الليل؟". من خلال التأمل بكلمة الله و تجسيد المحبة مع الآخرين. فيكون لنا كنزًا في السماء.

- المجموعة الثالثة
1- قال يسوع للصّ اليمين: " اليوم تكون معي في الفردوس"، وأدخله ملكوته: أعادل هو الرّب في قبوله توبة الإنسان في اللّحظة الأخيرة من حياته؟
2- ما هي النّصائح والخطوات العمليّة المقترحة من أجل استمراريّة مسيرة جماعة " اذكرني في ملكوتك" ؟
3- بكى يسوع وأدمعتْ عيناه عند موتِ صديقه أليعازر: أيحقّ للمسيحيّ أن يبكيَ عن فقدانِ شخصٍ عزيزٍ
على قلبه؟ تتردّد على ألسنةِ النّاس، عند وفاةِ أحدِهم، عبارات تعزيةٍ بعيدة كلّ البعد عن الرّجاء المسيحيّ والمفهوم الحقيقي
للموت، مثلاً: العوض بسلامتِك، ان شاء الله تكون خاتمة أحزانكم... ما رأيك في ذلك؟

1. لقد كان الربّ رحومًا وعادلاً عندما أدخَل لصّ اليمين الملكوت، قابلاً توبته في اللّحظة الأخيرة من حياته، لأنّ الله محبّة ويغفر لكلّ مَن كانت توبته صادقة ونابعة من القلب حتّى في ساعة الانتحار. وبما أنَّ الله رحومٌ ومحبّ فهو عادلٌ ونحن نؤمِن بعدل الله.
2. إنّ بكاء يسوع عند موت أليعازر هو بكاء أيّ إنسان يعبِّر عن الحزن والفراق الجسديّ، وبما أنّ يسوع إله وإنسان فقد كان من الطبيعيّ أن يصدر عنه تصرّفات إنسانيّة تغلب فيها العواطف والأفكار. لكن علينا أن نكون يقظين دومًا إلى حقيقة قيامة المسيح والحياة الأبدية التي تنتظرنا بعد الموت! "حيث لا حزنٌ ولا ألمٌ بل فرحٌ وسلام"!
3. إنّ الألفاظ المتعارف عليها والمتداولة عند موت أحدهم هي جُمَل متوارثة لا تمتّ إلى الرّجاء بِصِلة وغالبًا ما تصدر عن غير وعيٍ من النّاس، علينا استبدالها بعبارة "المسيح قام" الّتي تزرع الرّجاء في النّفوس وتذكّر أهل الفقيد بحقيقة القيامة. ولا يعود من فائدة في هذا المصاب الأليم إلا الصلاة والمساندة بالحضور الصامت.

- المجموعة الرابعة
1- يقول يسوع في الإنجيل: كونوا مستعدّين، ولا أحد يعلمُ السّاعة... ما هي علاماتُ الاستعداد للقاءِ الربّ؟
2- ما الذي دفعك إلى الانتماء إلى جماعة "اذكرني في ملكوتك" ؟
3- لماذا يُحتَفَل بجنّاز الأربعين للموتى؟ ما هي أهميّة الذّبيحة الإلهيّة من أجلهم؟

1. نستعدّ للعبور من خلال الاتّحاد بالربّ يسوع في القدّاس الإلهي، ومن خلال عيش الإنجيل، وأعمال المحبة مع الآخرين، فنحيا السماء على الأرض، بفرحٍ وحبٍّ وسلام.
2. ميزة هذه الجماعة هي عيش حياة الرّجاء،هي جماعة مسكونيّة تحترم طقوس الكنيسة، مندمجة فيها، عملها هو جوهر الايمان المسيحي، ومن مهمَّاتها مرافقة المحزون أو كلّ فاقد للرجاء، يسعى أفرادها أن يكونوا سندًا لهم في حدث الموت من خلال
ما تحمله لهم من "صلوات التعزية والرجاء" في كتيب سعت إليه و أصدرته بعد اختباره في خدمتها الرسوليّة.
3. للجناز الأربعينيّ رموز كثير تتعلّق بالرّقم 40، الرقم الأربعين يرمز إلى مسيرة الخلاص التي قام بها الشعب اليهودي مع موسى للوصول إلى أرض الميعاد. وعدد الأيّام الّتي صامها يسوع، قبل الذهاب إلى ذبيحة الفداء على الصّليب. ويُعتقد أن بعد أربعين يومًا تعبُر النّفوس، استنادًا على الأربعين اليوم التي قضاها الربّ في ظهوراته للرسل بعد موته وقيامته وقبل صعوده إلى السماء.
................................
11. القداس الإلهي من أجل الراقدين على رجاء القيامة
- عظة صاحب السيادة المطران كميل زيدان السامي الاحترام

صاحبَي السيادة،
حضرة الآباء الأجلّاء،
أخواتي الفاضلات،
أيّها الأخوات والإخوة،
يسعدني أنّ أختتم معكم هذا النّهار الّذي اجتمعتم فيه لتحتفلوا بعشر سنوات على تأسيس جماعة "أذكرني في ملكوتك"، فقد أمضيتم النّهار في التّأمل والتفكير والصّلاة متلمّسين إرادة الرّب. لقد تُليت على مسامعكم القراءات الّتي تتبعها الكنيسة المارونيّة لمثل هذا اليوم، وقد قررت الإبقاء عليها لأنّها قراءات من سفر أعمال الرّسل الّذي نكتشف فيه كيف أنّ الله يسيّر حياتنا ويهتمّ بنا. ففي النّهاية، كنيسة الله ليست قائمة على بشر فحسب، إنّما هي قائمة على حضوره فيها وفي ما بينهم، وهذا ما اكتشفناه مع بولس عندما خاطبه الرّبّ على طريق دمشق قائلاً له: "شاوول، شاوول، لماذا تضطهدني؟"، فاضطاد بولس لم يكن للإنسان إنّما كان إضطهادًا لله الّذي يسكن في داخل كلّ إنسان. وفي مقطع سفر أعمال الرسل الّذي تمّت قراءته اليوم، نسمع بولس يخبرنا عن كيفيّة وصوله إلى روما، وعن المخاطر الّتي تعرّض لها، وعن الاعتقال الّذي تعرّض له بهدف قتله.كما يخبرنا بولس في هذا المقطع أيضًا عن قائد المئة الذّي اعترض على أمر قتل كافة السّجناء، وذلك بهدف تخليص بولس، الّذي كان أحدهم. إنّ بولس يريد أن يشجّع سامعيه على عدم الخوف، لأنّ الرّبّ هو الّذي يحفظ النّاس في مشروعه الخلاصيّ لهم، والّذي لا بدّ له أن يتمّ إذ لا يمكن أن تسقط شعرة من رأس الإنسان من دون علم من الرّبّ.
أمّا إنجيل اليوم، فيكلّمنا عن تلك المرأة الّتي كبّلها الشيطان مدّة ثماني عشرة سنة. وأنتم تعلمون أنّ للأرقام رمزيّة في الكتاب المقدس، فالرقم ثماني عشر، هو ثلاثة أضعاف الرقم ستة، الّذي يرمز إلى قوّة الشّر الّذي كبّل تلك المرأة. لذا، عندما رآها يسوع، شفاها جسديًا ونفسيًّا، وهذا ما دفع بالمرأة إلى أن تمجّد الله، إذ إنّ الشفاء الحقيقيّ يكمن في تمجيد الله وتسبيحه في حياتنا اليوميّة. ومن خلال الحوار الّذي دار بين يسوع ورئيس المجمع، يحثّنا الرّبّ إلى عدم الاهتمام بالقشور والمظاهر، أو بالتقاليد والأمور الدنيويّة، بل يدفعنا إلى الاهتمام بالإنسان الّذي يحمل في داخله صورة الله، وبالتّالي فعلينا تفضيل الاهتمام بالإنسان على التعلّق بالأمور الزائلة والتقاليد الّتي قد نتوّهم أنّها أهمّ من الإنسان. وانطلاقًا من هذا المنطق البسيط الّذي حاول يسوع أن يُفهِم من خلاله رئيس المجمع أنّ الإنسان هو أهمّ من السبت، يمكننا أن نستنتج من خلال تينك القراءتين أهميّتنا الكبيرة في نظر الله فهو لديه مشروع خلاصيّ لكلٍّ منّا، ومتى أدركنا ذلك، نكون قد دخلنا في الملكوت. وبالتّالي، علينا أن نرّدد باستمرار الاسم الّذي اتخذتموه لجماعتكم: "أذكرني في ملكوتك"،لأنّنا بحاجة ماسّة لنتذّكر من دون انقطاع أنّنا نعيش منذ الآن في الملكوت، وأنّه خلال مسيرتنا على هذه الأرض، علينا أن ننشر ملكوت الله، لكي نتمكّن في نهاية مسيرتنا من أن نلتقي بالرّبّ وجهًا لوجه.
نصلّي على نيّة بعضنا البعض، كما نصلّي على نيّة أمواتنا الّذين اختبروا هذا الشوق إلى الملكوت، ونصلّي أيضًا بشكلٍ خاص على نيّة الأموات، أولئك الّذين لم يختبروا هذا الشوق، لكي يعاملهم الرّبّ بحسب رحمته، فيستقبلهم في ملكوته. آمين.
ملاحظة: دُوِّنت العظة بتصرّف.
- نوايا

1. "اليوم صَارَ الخَلاصُ لهذا البَيت..." (لو 10:19)
نصلّي يا أبانا السماوي، كي تنسكبَ نعمةُ الايمان علينا وتستنيرَ قلوبُنا بالمسيح ربّنا، فتتحوّلَ حياتُنا الى مسيرةِ خلاصٍ أبديّ، سالكينَ في التوبةِ والمحبةِ ومشاركةِ المحتاجِ في عطايا الله وخيراتِه.نسألُك يا ربّ
2. أعطِنا أيّها الآبُ السماويّ أن نقبَلَ مشيئةَ الله في حياتِنا، أن نُطيعَ كلمةَ الربِّ ونردّدَها في قلبِنا بفرحٍ، حتى نواجهَ همومَ حياتِنا بفكرِ المسيح ربِّنا، في الثباتِ والصلاةِ والصبر.نسألُك يا ربّ
3. في تَذكار تجلّي ربِّنا يسوع المسيح، جدّدْ فينا أيّها الآبُ السماوي روحًا مستقيمًا وعلّمْنا وصاياكَ الحقّة. أبعدْنا عن فعلِ الخطيئة واحفظْنا في النور لمعاينةِ مخلّصِنا يسوع المسيح والمجدِ الإلهي. نسألُك يا ربّ
4. نصلّي يا ربَّنا وإلهَنا كي تكون السيّدة العذراء- والدةُ الإله، نموذجًا لنا في النقاوةِ والطاعةِ والمحبة. نتقبلُ كلمةَ ابنِها يسوع المسيح، نحفظُها في قلبِنا وننقلُها الى الآخر ليحيا كلٌّ منّا مريميًّا. نسألُك يا ربّ
5. في انتقالِ أمِّنا العذراء مريم، نصلّي أيّها الآبُ المحبّ البشر بشفاعة ..............وقدّيسيك الأبرار لأجل الإخوة الراقدين على رجاء قيامتك. إفتحْ لهم حنوَّ رحمتِك وأرحْهم في نعيمِك الأبديّ، حيث لا وجعٌ ولا حزنٌ بل فرحٌ وسلامٌ، وأهِلّنا وأمواتَنا أن ننالَ غفرانَ خطايانا وخطاياهم.
28/11/2009 افتتاح مركزنا الروحي في زوق مكايل مولودنا الجديد
افتتاح المركزالروحي
لجماعة اذكرني في ملكوتك
في زوق مكايل

28/11/2009

ميلادنا عابق بالفرح والشّكر للنّعمة الإلهيّة التي جعلت من الحلم النّائي، والسّراب الواهي، حقيقة قريبة لمسناها بأيدينا هذه، إنّه افتتاح مركزنا الرّوحي في زوق مكايل
بحضور كلّ من المطران جورج خضر، والمطران أنطوان نبيل العنداري الساميّي الإحترام وممثل المطران غي نجيم، الشماس جيلبير بريدي الفاضل ولفيف من الآباء الأجلاء والأخوات الفاضلاى والإخوة الأحباء.
وقد استُهلّ اللّقاء بنشيد الجماعة، تلته كلمة لمؤسِّسة الجماعة "جانيت مخايل الهبر"، عبّرت فيها عن فرحتها اللاّمتناهية بمولودنا الجديد، واختصرت فيها نشأة الجماعة وجوهر روحانيّتها وأهداف المركز وما فيه، واعدة المسيح القائم بالمحافظة على الأمانة ومواصلة العمل الدّؤوب سيراً على درب الحق.
ثم تكلم الخوري "جوزف سلّوم" – المرشد عن بيتنا الروحي الذي هو صدى ورسالة العليّة وشهادة العمل المسكوني
أمّا المطران عنداري فقد كان له كلام في مرافقته الوفيّة لنا منذ انطلاقة الجماعة في 2006، جماعة إيمان، ورجاء، وصلاة في ترجّ دائم للقيامة. وأشاد بتبلور العمل وتقدّم الرّسالة، منذ زرع حبّة الخردل ونموّها حتّى احتياجها إلى مركز لتتواصل من خلاله مع مختلف الرّعايا، حتّى تتّحد الكنيسة الظّافرة بالكنيسة المتألّمة.
أمّا المطران جورج خضر فكانت له في ذلك كلمة عميقة، وقد جاء فيها تأمّله في قول بولس الرّسول في رسالته إلى أهل روميه، الذي يرتبط فيها نشاط جماعتنا: "دُفنّا معه، أي مع المسيح في المعموديّة للموت، حتى قام المسيح من بين الأموات بمجد الله"، أي أنّنا هكذا نسلك في الحياة الجديدة.
وقد كان الرّسول يتكلّم عن معموديّتنا نحن، اليوم، والتي أخذها الموعوظون في أيّامه. لقد قال: دُفِنّا معه آنذاك في موته، وأخذ معموديّتنا في صليبه، فدُفنّا معه للمعموديّة، دُفنّا معه للموت، لنذهب للموت الذي ماته هو. والموت عند بولس، هو موت الأهواء، ويريد بها الجذور التي تصدر عنها الخطيئة الرّاسخة في النّفس. وبناء على ذلك، علينا أن نفتّش عن الأصول: فانتصار المسيح هو في الموت الذي تمّ على الصّليب، أمّا القيامة فهي تفعيل وإخراج له، بدليل ما قاله "يوحنّا الإنجيلي":"وأمال رأسه، وأسلم الرّوح"، أي الروح البشرية التي كانت فيه، وأخذها بالتّجسّد من الرّوح القدس، ومريم العذراء، بينما نقول في الحساب البيولوجي:"أسلم الرّوح، وأمال رأسه". أيّ روح إذاً؟ في قراءة خضر الخاصّة، أسلم الرّوح، أي سلّمه إلى العالم، معلنا بدء القيامة الجديدة بالمعموديّة.

وختم المطران جورج خضر كلمته بتحديد ثلاث قيامات:
القيامة الأولى بالمعموديّة.
القيامة الثّانية بتفعيل المعمودية، ونقوم عندما ننتصر على الشّر الكامن فينا.
القيامة الأخيرة.
ولكن بدء حياتنا الجديدة في المعمودية، هذا تدشين للحياة الجديدة التي نحياها يوماً بعد يوم بمكافحة الأهواء وجذورها، نقوم عندما ننتصر على الشر الكامن فينا.
ويبقى على الجماعة التي جمعتنا أن تهتم لا بالصّلاة فقط للموتى، بل أن تبشّر بالقيامة للتّجدّد يوميّا بالحياة في المسيح.
ثمّ دشّن كلّ من المطرانين المركز بصلوات الكنيستين الشّرقيّة والغربيّة، وختم اللّقاء بنخب جمع الحاضرين وسط أجواء الفرح والحبور.

ملاحظة : دوِّنت كلمة المطران جورج خضر من قبلنا ببتصرّف. تتمة...
28/12/2008 رسيتال ميلادي وُلد لكم اليوم مخلّص
"اليوم ولد لكم مخلّص"
رسيتال ميلادي
في دير يسوع الملك - زوق مصبح

28/12/2008

- تأمّل روحي
- كلمة الختام

وسط أنوار التّجسّد، وفي جوّ من الغبطة والخشوع، تصاعدت الألحان الرّوحيّة لأعذب التّرانيم في دير يسوع الملك - زوق مصبح، ترنّمها السّيّدة نبيهة يزبك، مطلقة أسطوانتها "يا خبز الحياة"، في رسيتال ميلاديّ تنظّمه جماعة "اذكرني في ملكوتك"
وقد استهلّ الاحتفال بكلمة افتتاحيّة للخوري جوزف سلّوم، نوّه فيها بأهميّة الاحتفالات الدّينيّة في زمن الميلاد، وبمعنى العيد الحقيقي، وذكر فيها، أهل غزّة المحاصرين، ودعا للصّلاة من أجلهم ومن أجل كلّ المضنوكين، والمتعبين...كما دعا للمرنّمة بالتّوفيق في إحياء هذا اللقاء.
وافتتح الرّسيتال بنشيد الجماعة، تلته ثلاث مجموعات من التّراتيل المختلفة الألحان والمواضيع، تخلّلها تأمّل روحيّ لمقدّمة الاحتفال الآنسة تمارا شلهوب، وعرض وشرح لأيقونة الميلاد في عرض مصوّر.
وخُتم اللقاء بكلمة للسيّدة جانيت مخايل الهبر، مؤسِّسة الجماعة، ركّزت فيها على رسالة الجماعة، وماهيتها، ومسيرتها، وشكرت كلّ من عمل على إنجاح الاحتفال،
بعدها تمّ تقديم درعَي تقدير باسم الجماعة لكلّ من السّيدة نبيهة يزبك، والأستاذ جوزف خليفة، وباقات الورود لهما وللآنسة مشلين يزبك شقيقة المرنّمة الّتي شاركتها في إداء ترنيمة.

تأمّل روحي

- في زمن تمجيد إخلاء الرّب العليّ لذاته، في سرّ تجسّد عتيد، يحجبه عمانا عن النّور الحقّ في حلكتنا الدّنيويّة،
من مهالك الموت أتانا، في زمن الدّم والدّموع، أقمطته أكفانه، مذوده مذبحه وقبره، أدركنا في غور ظلماتنا،
حبّة قمح محيية، في حشا طبيعة بتول...ملكا على أرض الملك! أيا طفلا بحجم الوجود وخالقه!
جئناك لا بمرّ الموت، وبخور الألوهية، وذهب الملك، بل بقلوب تهفو لملئك،
وصوت ملائكيّ " أغابيّ" الانطلاقة والانتماء، "يزبكيّ" الالتزام، من بيت عبقت زواياه بأريج موسيقى الرّوح؛
جئناك يا أشهى القرابين في صمت المغارة، في حرم سرّ الأسرار، تائقين مرنّمين: "يا خبز الحياة"...

- واقتبلت البشرى، وتمّم الوعد،" وصار الإله إنسانا وحلّ بيننا"، أكل في صحن طمعنا، واغتسل بماء لوثتنا،
وسار على أرض بؤسنا... سرّ الأسرار تكوينه، وميلاده، وموته ، وقيامته...تجديدا للخليقة، وهدما للباطل،
ودعوة للدّخول في الملكوت... هلمّوا نغص على لجج هذا السّرّ العظيم في شرحنا لأيقونة الميلاد...
ها صلاح الرّبّ وافانا، وخلع علينا ملاءة المجد!
بشارة سارّة، فتسليم لمشيئة الرّب، فحمل بالحمل القدّوس، فميلاد مجيد...مسيرة "السّلام عليك" مع جبرائيل،
مرورا بتجربة يوسف، حتى سجود الخليقة أمام المخلّص، هبة السّماء، هبة الحياة...
هي هي مسيرة الأمم نحو ملء الكل الإلهي!

- في هدأة تلك الليلة والفكر سكرى، من خوابي شّرودي، في أعمق أغوار حيرتي، غربة طفل أضاع طريق بيته...
حياتي شوارع هائمة على وجهها، تبحث عن رصيف، تتّكئ عليه ذكرى ومضات عمر،أضاءت يوما...
الأمل في إجازة غير مدفوعة، في قلب يبحث عن معنى لهذا الغياب في معنى هذا الوجود...
عيناي صفحات بهتت صورها، نكر الحبر بنوّة سطورها...
أجزائي تناديك يا كلّ الكلّ، ألا املأ كأس نفسي الظّمآنة إلى ثريّا مجدك! دوائر الكون تنفلش في كياني، تستقيم...
ألا اصقلني يا مبدع الكل على مثال عطفك! ربّي، يا مالئ المغائر، وملكها، مرّ بي!
مرّ بي فيصير كلامي فعل ضياء...مرّ بي فأضحى يا ربّي، مسك عطاء... مرّ بي...حتّى تذكرني الكلمات،
مر بيّ فأعود طفلا... يهفو إلى العمّانؤيل...

- كلمة الختام

اليوم صار طين الموت، خبز حياة... اليوم صار القبر المعتم، مذودا من نور... اليوم صار الإله إنسانا...
واليوم صار الإنسان قدّيسا... نعم، اليوم صار الموت ميلادا آخر... صار ولادة جديدة...
ولكن الإنسان ظلّ يتخبّط في ثنائيتي الرّوح والجسد، التّوبة والخطيئة... في سقوطه موت أبديّ،
صار بالصّلب والقيامة، حياة جديدة... فرنّمت الملائكة: "المسيح قام من بين الأموات".
المسيح قام، وأضحى بداية كلّ البدايات! المسيح قام وغلب الموت الأبديّ! المسيح قام ووهبنا الحياة !

فيا طفل الميلاد والقيامة ! استمع صوتنا الصّارخ من قلوب تائقة لرحمتك ومحبتك ! للميلاد المجيد! للميلاد الجديد! صوت جماعتك المبتهلة "اذكرني في ملكوتك"، يتجلّى في تقدمة الافخارستيّا لأجل إخوتنا الراقدين، بفرح ينعش القلوب ويحييها، في تسبيح ملائكيّ الصّوت والتّرانيم، في شراكة أبديّة مع أبناء السّماء، لكي نكون أبناء الله ، أبناء النور ونردّد دوماً: "اذكرني في ملكوتك"... تتمة... تتمة...
26/10/2007 ندوة روحيّة في جامعة سيّدة اللويزة النظرة اللاهوتيّة للموت
ندوة روحيّة في جامعة سيّدة اللويزة
زوق مصبح

26/10/2007

1. كلمة الافتتاح
2. النظرة اللاهوتيّة لمعضلة الموت
3. رعوية الموت
4. شرح أيقونة القيامة
5. كلمة الاباتي سمعان ابو عبدو الرئيس العام للرهبانية المارونية المريمية

في هذا المغيب، ومن أجل كل من بيّضوا حللّهم بدّم الحمل، ننظر معاً الى خضرة أرزتنا ومن خلالها، الى والدة الإله باب السماء، والى رموزية خلود من عبروا، ووفاء لهم نقف معاً للوطن عشية استحقاقاته نشيدنا قولاً وفعلاً. وعبروا وكان جسرهم الصليب، وسراجهم مريم، وأمام كل منهم يدان مفتوحتان تتضرعان، يد سُكب عليها قلب يحب ويؤمن، وأخرى طافحة بزيت الأعمال الصالحة يلتمسون ولوج السماء والسكنى في قلب الثالوث. هؤلاء عندما يرحلون يعلو الصراخ وتصير الصيحة "هوذا العريس"، وتبدو علامات التعجب والمفاجأة والتساؤل : من أنت أيها الموت؟ يا فاهاً فُتِح ليبتلع الحياة، يا حصاداً يجمع غلاله التي نضجت، يا سراً لا يُدرك، يساوي البشر عند ترابات القبور، وحده يسوع الذي نهض من بين الأموات جعله بداية وليس نهاية، جعله باباً وحضوراً وانتقالاً ومعاينة لوجه الإله، الذي حقق الغلبة بقيامته.

وعت جماعتنا الناشئة، جماعة "أذكرني في ملكوتك"، حقيقة الحياة الجديدة، حقيقة الحياة بعد الموت، وقرأت ممارسة الناس يوم يأتي الموت كالسارق ويترك خلفه دموعاً وفراغاً ونسياناً ووثنية في الوداع الأخير. فتنادت لنجتمع ونصلي ونعمل من أجل مصالحة حقيقية بين أهل الإيمان والموت. وتندرج ندوتنا اليوم : "الموت:معضلة،رؤية،ممارسة" في سياق برامج التنشئة، المساهمة في تعزيز علامات الرجاء، ولنحسن الإستعداد ونشعل المصابيح منتظرين مجيئه الثاني في المجد.
ولا يسعنا في هذه الإطلالة، إلا أن نشكر حضوركم الكريم، ومداخلات المحاضرين والمشاركين في هذه الندوة، شاكرين معكم ادارة جامعة سيدة اللويزة التي تستضيفنا في رحابها طالما عرفناها علامة رجاء وذاكرة كلّ تجدّد وتطوّر وابداعية.
فبدون خوف اقتربوا ولنصغي ليضحي الموت عيداً وفرحاً وعرساً حقيقياً.
وأهلاً وسهلاً بك
الخوري جوزف سلوم
.................................

2. النظرة اللاهوتيّة لمعضلة الموت

كُلّفتُ أن أحدثكم في نظرة لاهوتية عن الموت بما هو معضلة. لا يهم العنوان المقترَح. يبقى أن الموت مسألة عند كل البشر بسبب من تمسّكهم بهذه الحياة الدنيا التي بها سيتمتّعون ولاسيما ان أكثرهم يقولون ان الموت حق ولعلّهم يريدون بذلك انه حق الله على الناس. ولكنه في بدء سر التكوين هو عقاب، هو كذلك بعد ان حرم الخالق على جدّينا الأوّلين ان يأكلا من شجرة المعرفة بقوله انكما ان أكلتما منها تموتان. وأكّد ذلك بولس بقوله: »أجرة الخطيئة هي الموت«، بحيث اننا لا نعرف الموت الا بعد الخطيئة وبسبب منها.
اعترانا الموت من معصية وكأن الخلود هو وحده الأصل ولا نعرف الموت الا بالسقوط. هناك طبعا لغة البيولوجية القائلة ان الموت هو حد الحياة اذ لا بد لهذا المختبر الكيميائي الا ان يتشابك فيه ما ينهي عمله ولو طال العمر ولو امتدّ الأجل أربعين او خمسين سنة بعد أن يسعى الى ذلك الأطباء في السنين العشرات المقبلة. ولكن لماذا يخشى الموت الا النادرون من المؤمنين؟ يقول الرسول: »ان آخر عدو يبطل هو الموت« بمعنى ان الله لا يحوله الى صديق. انت في المسيح تدوسه مثلما داسه المخلص وفق الأنشودة البيزنطية انه »وطئ الموت بالموت«. لم تقل كتبنا ان السيّد استطاب الموت ولكنها تقول انه غلبه، تخطاه في الظفر.
نحن إزاءه في خشية اذ نذكر الخلود الكامن في صورة الله التي فُطرنا عليها. هذه الصورة لم تتصالح وضدها اذ صورة الله فينا لا تزول وهي حاملة طاقة القيامة التي يغعّلها المخلص بالروح القدس ما دعا الرسول ان يقول: »اين شوكتك يا موت؟ اين غلبتُك ايتها الجحيم؟« توقعنا الموت يجعلنا في انتفاضة حتى نصير سماويين وعلى ما قاله بولس ايضًا: »على صورة الترابي يكون الترابيّون وعلى صورة السماوي يكون السماويّون« اي اولئك التائقون الى ملكوت لا يفنى. الموت مسألة لأننا متأرجحون بين ترابيّتنا وسماويّتنا حتى يفنى التراب فينا ونصير على الرجاء كائنات من ضياء حتى يفنى الرجاء في القيامة ويحل ملكوت المحبة. الموت يبقى مسألة او عقدة حتى يزول السؤال بتوقعات ايام وسنين نشهد فيها انهيار الجسد.
في هذا الوجود لنا ميتات كثيرة تشبه الموت الأخير. ولا نريد ان نواجهها الا بيولوجيا ولكن نتروحن ان كنا مؤمنين على انها لمسات إلهية او انعطاف الهي نسمّيه افتقادًا بمعنى ان النعمة تحل على هذا الوجود المكسور والمشوّه. والذائقون لله يلهمهم ربّهم رسالةً في آلامهم الجسدية منها والنفسية ويدنيهم منه بمعرفة مقاصده ان كانوا يستطيعون فهمها. ميتات وتعزيات تتوالى تكسر وتجبر حتى يوضع على أجسادهم ونفوسهم البلسم الأخير. الرجاء هو الى ما بعد رجوع التراب الى التراب وتحوّل كيانهم كلّه الى نور ولا يقرأ الله فيهم الا النور. وبعد ان يذوق الراقدون بالمسيح مرارة الموت يرتشفون كأس الحياة حسب قوله: »لن اشرب من نتاج الكرمة هذه الا ان أشربها معكم ثانية في ملكوت أبي«. وبعد ان تُتلى في نفوسهم الأنشودة الفصحية كاملة: »المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور«.
هذا يقودنا الى القول ان ليس هناك لاهوت الموت كما ليس هناك لاهوت الخطيئة. انت لا تكتب لاهوت النقصان او الفراغ او الضياع. هناك فقط لاهوت النعمة والقيامة من بين الأموات.

لم تهتم الكنيسة الشرقية بالحديث عما تصير النفوس اليه من بعد موت. قالت ان النفوس في الرحمة وقال القديسون النساك ان احدا لا يدخل بجهاده والرحمة وحدها تفتح أبواب الفردوس الى ان تنقلنا القيامة الى المجد لنعاين وجه الله. المهم اننا راقدون مع المسيح وحسب. وهذا خير متكأ. الإنسان يموت في هذه الطبيعة الساقطة ويتعهّده الله ويحتضنه ويبقى ممطِرا عليه رحماته حتى يتجلّى في اليوم الأخير مع المتجلّين. وهذا هو ايضا تجلي الكون بأسره حسبما يعلّم القديس مكسيموس المعترف اذ تلطخ الكون بنا وأخضعه الله للباطل كما يقول الرسول العظيم لكي ينسجم الباطل بالباطل ولا تتنافر الكائنات واذا حرّرنا الرب بنور القيامة يحرر الكون كله به لكي لا يبقى أثر للفساد اذ لا يكون الله كلًا في الكل بمعنى الكتلة البشريّة بل يصير كذلك في الكتلة الكونية. وتنكشف السماء الجديدة والأرض الجديدة كما نقرأ في سفر الرؤيا ونكوّن مع الكون كلّه اورشليم السماويّة الحرّة التي هي أمّنا جميعا.
غير أن هذا التجلّي لا يتم فقط في اليوم الآخر ولكنه يتحقق على الرجاء في كل لحظة نعيشها في الإيمان وذلك في ارتباطنا الشخصي بالمسيح يسوع. تذكرون حديث السيّد مع مرتا أخت لعازر قبيل بعثه عندما قالت للمخلّص: يا سيّد لو كنتَ ههنا لما مات أخي فأجابها: سيقوم أخوك. فردّت: انا أعلم أنه سيقوم يوم القيامة. قال لها: انا هو القيامة والحياة. فلو كان الرب مكتفيًا بحدوث القيامة الأخيرة لما أجاب بهذا الجواب وهو الذي تكلّم في موضع آخر وفي سياق آخر على القيامة العامة. انما أطلق في حواره مع مرتا مفهوما للقيامة جديدا وهو انه اليوم هو باعث المؤمنين به الى الحياة وهو يريدهم ان يعيشوا فيه او ان يكونوا قائمين لو كانوا فيه او صار فيهم. وهذا ما سيتحدّث عنه بولس كثيرا. عبارة »في المسيح« التي نحتها الرسول او العبارة المقابلة »المسيح فيكم« على اختلاف الصيغ تؤون القيامة فينا حياة جديدة حتى أمكننا القول بناء على النص الإلهي ان المسيح نفسه هو القيامة فيصح استعارتي لقول الحلاج:
انا مَن أهوى ومَن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا
فإذا أبصرتني أبصرتَه واذا أبصرتَه أبصرتنـا
وقال أبضًا:
رأيت ربي بعين قلبي فقلتُ من أنتَ؟ قال أنتَ

وفي اللغة المسيحيّة هذا يترجم ان كياني وكيان المخلّص باتا كيانا واحدا حيا. القيامة العامة اذًا مزروعة فيّ ليس فقط وعدا من الرب ولكن فعلا خلاصيا أعيشه كل يوم بالقداسة.
هذا مؤسَس في قوله: »من يأكل جسدي ويشرب دمي له حياة أبدية«. القيامة التي تحدّث عنها السيد الى مرتا مضافةً الى الإصحاح السادس من انجيل يوحنا تعني شيئين حسب تعليم اوريجانس العظيم. الاول: ان كلمة الإنجيل هي الخبز اذ بها أصير انا كلمة المسيح كما علّم القديس يوحنا الدمشقي والأمر الثاني هو الافخارستيا التي أصبح فيها جسد المسيح. واذا عرفنا ان الجسد عند العبرانيين هو الذات الظاهرة هذا يعني ان ذات المسيح باتحاد الحب وفي السر الذي لا يسوغ النطق به تصبح متحدة بذاتي بحيث لا استطيع ان أفرّق بين ما هو منّي وما هو منه. ثم اشربوا منه كلّكم هذا هو دمي يعني فيها الدم الحياة. هذا من العهد القديم والفلسفة العبريّة. حياته حياتي. هذا هو معنى الأكل والشرب في سر الشكر. ولكن يعطينا القديس نقولاوس كابازيلاس معنى مقابلا اذ يقول ان المسيح في المناولة الإلهية يأكلنا ويشربنا.
في هذا السياق أذهلني منذ وقت يسير ما أتت به الليتورجيا البيزنطيّة توّا بعد الاستحالة: »ليكون للمتناولين لنباهة النفس والجسد وكمال ملكوت السموات«. هذه عندي شطحة صوفية من يوحنا الذهبي الفم اذ الملكوت وحدة كمال الذبيحة وانتهاؤها ولكن الذهبي الفم لم يستطع ان يحس الا اننا في شركة هذا السر العظيم بتنا فوق.
بعد الذهبي الفم بقرون يأتي القديس سمعان اللاهوتي الحديث ليقول ان الافخارستيا هي النهار وفي السياق البيزنطي هذا يعني النهار الأخير المعروف باليوم الثامن. كل هذا ناتج عن تصوري ان آباءنا هؤلاء رأوا قياميّة الافخارستية وتاليا غلبتها للموت وعلّموا ان انبعاث أجسادنا انما هو ثمرة الافخارستيّة وهذا ما حفظته رتبة الجنازة عند الموارنة.
وعلى رغم نورانية التعليم عن القيامة علّمنا آباؤنا النساك ما سموه ذكر الموت ناظرين الى الجهاد الذي تلهمنا اياه حادثة الموت التي أمامنا فنصبح بهذا الذكر تائبين. والتوبة توبة الى وجه الآب الذي يقيمنا بمحبّته للابن في الروح القدس الذي يحيي عظامنا كما يقول الكتاب.
لعل اهم عنصر للموت فينا ان أجسادنا تصبح ممجّدة كما صار جسد المخلّص في اليوم الثالث بحيث يحفظ الله ما كان اساسيا في كياننا الأرض ويلبسه النور ونتنزّه عما كان في جسديّتنا ذا وظيفة ارضيّة كالطعام والزواج. كيف نكون نحن ايانا في المسيح نورنا من نوره بلا ذرة من تراب؟ يقول القديسون اننا لا نسير فقط وراء الله ولكن في الله. هذه حركة في السكون كما يقول مكسيموس المعترف ونحن في معيّة القديسين، هذه هي الكلمة الأخيرة التي تدل على انصرام الموت ونصبح كلمة الله المحقّقة ليس بمعنى كلام الخلق الاول ولكن بمعنى الخلق الثاني المتمَّم في المجد. »والموت لن يكون فيما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع لأن الأمور الأولى قد مضت« (رؤيا ٢٠:٤).
أن تذوق هذه القيامة كل يوم هو ان تكشف أعماق سر الخلق وسر الخلاص وتزيل أثر الموت الى الأبد بقوة الآب والابن والروح القدس الذي لهم معا الإكرام والعزة والسجود الى الأبد.
المطران جورج خضر
جامعة سيدة اللويزة
الجمعة ٢٦ تشرين الأول ٢٠٠٧
...........................

3. رعوية الموت

لفتت انتباهي في جريدة السفير ليوم الثلثاء 9 تشرين الأول 2007 أقوال لجومانة حداد تحدد فيها الشاعرة موقفها من الموت فتقول بما معناه : إنك تواجه الموت بحلٍ من اثنين : إما ان تهرب وإما أن تدجّن موتك، وتضع الكاتبة في مصاف رعوية الهاربين من الموت عشاق المراثي وهواة الدمع والنواح والذين يبحثون عن عزاءٍ أو رجاء أو رأفة وكل الذين يرهبون فكرة الأشلاء وتنفرهم رائحة الدم الطازج... أما هي فتصنّف نفسها بين الذين يجيئون الموت من فوق فلا يشعرون بالدونية تجاهه، ولا يتوقون الى الرحمة وإذا أردت نصيحة منها فهي تشير عليك بأن تأتي الى الموت من المسايفة والتحدي والالتحام بعزرايل بأنك بذلك تقصف عجرفته وتحرمه من التلذذ بخوفك منه، فأنت بذلك تذله وتدعس على رأسه بشراسةٍ وهكذا تصبح ندّاً له فلا تنخدع مطلقاً.

ترى على أيٍّ من الموقفين : الهرب أم المواجهة يجب أن تركز رعوية الموت؟
أعتقد أن الكنيسة لا تجد ذاتها في أي من هذين الموقفين حتى وإن تفهمت عواطف المؤمنين الذين يشيّعون موتاهم بالنواح والمراثي، فصلواتها التي ترافق من خلالها موتاها بعيدة كلّ البعد عن البكاء وسكب العبرات... واذا كان لا بدّ من المواجهة فهي تذهب للقاء الموت متسلحة بصليب ختنها وبموته، تائقةً الى حبه وحنانه، متّحدةً به كمريم المنتصبة على أقدام الصليب وعيناها مشدودتان أبداً الى فجر القيامة.

إن رعوية الموت، على ما أفهم، هي في الأساس مساحةٌ للشهادة على إيماننا بالقيامة وبالحياة الأبدية، كما أنها بامتياز فسحةٌ تتيح للكنيسة البشارة والأنجلة.

أجل يجب أن يكون حدث الموت مناسبة لرعوية مميزة تقودها كلمة الله، فيصغي المؤمنون الى علامات الرب في مجرى حياتهم، محاولين تبني موقف المسيح بالذات أمام موته وعبوره نحو الآب.

من هنا نرى أن الغاية الأولى لرعوية الموت هي التهيئة لمسيرة إيمانية تنطلق من تقبّل الموت، وفترة الحداد التي ترافقه، من خلال إيماننا بالسيد المسيح الذي وحّد حياته بموتنا، وموتنا بحياته فأخذ ما لنا من ضعفٍ ورهبةٍ أمام الحدث ووهبَنا ما له من خلاص وفداء وسعادة أبدية بصحبة العذراء مريم وجمع الأبرار والصديقين.
إنطلاقاً من هذا الموقف الإيماني الأساس، في كل رعوية للموت، ومرافقة للمحزونين هناك معطيات انتروبولوجية وسوسيولوجية يجب أخذها بعين الإعتبار عندما نتحدث عن هذا الموضوع.
في الماضي القريب، كان حدث الموت، مناسبة لإحتفال كبير، يترأسه الميت بالذات. كان المشرف على الموت يستعدّ لهذه اللحظة الكبيرة من مصيره، وهو على فراشه، محاطاً بالأهل والأصدقاء، فينهي كتابة وصيّته، وإملاء إرادته الأخيرة، وبعدها يستقبل المسحة الأخيرة ويتناول القربان المقدس باحتفال مهيب، يشارك فيه الأبناء والبنات والأحفاد وحتى الجيران أو المارة الذين يرافقون الكاهن الذي كان يجيء الى المنزل وهو متوشح بلباس بيعي خاص بالمناسبة تسبقّه جرسةٌ تعلن قدومه، ويصحبه متطوعون يحملون أمامه الشموع. أما هو فيحمل بخشوع ومهابة القربان والصليب وزيت المسحة.
أما إذ طال النزاع الأخير فكان دائماً هناك من يرافق العائلة بالسهر والمؤاساة وإظهار روح التضامن، كل ذلك للتعبير عن الأهمية التي تعطى للموت وللميت معاً... لقد كان المشرف على الموت في كل هذه التقاليد والعادات في قلب الحدث، هو الذي يأمر ويُنهي ويوصي فيُطاع، وهو الذي يزار ويكرّم وكان همّ المترأس للصلاة الجنائزية إكرامه ورثاءه للدلالة على مكانته وأهميته. هذه الأهمية كانت تترجم أخيراً بموكب الجنازة الضخم العابق بالبخور وبصوت تراتيل الشماس عندما تسمح له بذلك النوبة المصحوبة بالرايات والأعلام. وقد كان سبق كل ذلك يوم طويل من الحداد والمراثي وإلقاء القصائد والخطابات والندب... كلّها تجتهد في تعداد شمائل الراحل وشيّمه الفريدة.
أما اليوم فقد انقلبت المفاهيم وتبدّلت، فحُرِِم الميت حتى من أبسط حقوقه. غالباً ما يجري التعاطي معه، كقاصرٍ، فلا يعرف بخطورة مرضه وباقتراب أجله، كما أن العائلة تحرمه غالباً من رؤية الكاهن وقبول أسرار القربان والمسحة والتوبة، لئلا يصاب بالهلع وهكذا يصبح مجيء الكاهن نحساً عليه، والمسحة تذكرة مرور سريعة الى القبر. أضف الى ذلك كلّه إن الإنسان غالباً ما يموت وحيداً إما في المستشفى، أو على أيدي الخادمة، وأحياناً كثيرة عليه أن ينتظر في البرّاد الساعات الطويلة، وإذا نُقل من هناك، فليس ليعود الى البيت الذي أحب، بل الى القاعة العامة الوحشة حيث يسجى والكلّ لاهٍ عنه.
وأحياناً كثيرة يحرّم من العودة الى مسقط رأسه فيُباع له" جارور" لمدّة معيّنة، حسب الدفع، ومن ثمّ تجمّع عظامه، في بئرٍ لا تصل اليها إلا رفوش الحفارين ومجارفهم التي تسارع لجمعها والتخلص منها. وللإزدياد في الغربة والتشرّد، بدأت عادات حرق الجثث تتسرب الى بلادنا وتستهوي العديدين... فهل من رعوية بعد هذا كله؟
نعم على رعوية الموت أن تأخذ كل هذه المتغيرات بالحسبان، فلا يخاف الكاهن مثلاً من التعاطي مباشرة مع العائلة، ومع المستشفى، وحتى مع القائمين على شركة دفن الموتى والحفارين والحارقين... سأتوقف، إذا شئتم، على بعض الأمور التي أراها ضرورية لتأتي رعوية الموت على حسب رغبة الكنيسة.
أولاً – عندما تحاول العائلة أن تجعل من الموت شيئاً خاصاً بها وحدها، فتصادر المشرف على الموت وتغيّب عنه المعرفة بخطورة مرضه ودنوِ أجله، على الراعي ان يأخذ المبادرة ويجتمع بالعائلة ويساعدها على تقبّل حدث الموت بروح ايمانية. من هنا تبدأ رعوية الموت في المستشفى، فيزار المريض ويُمكّن من لقاء الرب والاستعداد لموته، من خلال سماع كلمة الله والمشاركة في الأسرار.
ثانياً : بعد الموت مباشرةً، يستحسن أن ُُُتراَََََفق العائلة في جميع مراحل الإستعداد للجناز وللدفن. لقد تنبّه التجديد الليتورجي الماروني، ووضع الكثير من الصلوات والتراتيل والقراءات، لمرافقة الأهل والمعزّين، فيحرص الراعي على الإستفادة من هذا كلّه، عندما يسجّى الميت، فتعتاد الناس على سماع كلمة الله والمشاركة في الصلاة بدل تبادل الأحاديث على أنواعها.
ثالثاً – تحرص رعوية الموت على إظهار الحدث، للعائلة وللمشّيعين والمشاركين، كعبور الى البيت الأبوي، وليس مطلقاً كمصيبة، أو ضربة من الله، أو نهاية طبيعية للحياة، فيهتم القيّمون على مراسم الدفن بإظهار وجه الموت من الناحية الإيمانية، فلا تطغى على المناسبة التقاليد والعادات الإجتماعية البحتة.
رابعاً – بعد المستشفى والقاعة أو البيت، المكان التالي لرعوية الموت هو الكنيسة. هنا يحرص خادم الكنيسة على تهيئة المكان للإحتفال ويسهر على دعوة الجميع للمشاركة في الإحتفال ولا يبقى خارجاً من يثرثر أو يتندّر أو يتكلم بصوت عالٍ للتشويش بقصدٍ أو عن غير قصدٍ.
إن الوصول إلى الكنيسة والإحتفال بالصلاة هو المحطة الأهم في رعوية الموت.
في هذا المكان تحرص الكنيسة على اسماع انجيل الحياة للحاضرين واشراك الجميع في كلمة الخلاص والصلاة. أما المحتفل، فيحرص على أن تكون العظة، حاملةً بشرى المسيح للمناسبة فتجيء مفهومة من المؤمنين وغير المؤمنين الذين قد يشاركون في التشييع. هذه العظة تتضمن فيما تتضمن المعنى المسيحي لحدث الموت وكلمة الرب للعائلة، وقرب الجماعة المسيحية من المحزونين. إن الكنيسة في احتفالها الطقسي بالموت تبقى مؤتمنة على رسالة أكبر منها، كما أنها تبقى في كل أعمالها خادمة لكلمة، مؤتمنة عليها، وقريبة كل القرب، من الذين يتجرعون كأس الموت المرة.
خامساً : في بلادنا، غالباً ما تتغلب التقاليد والعادات الإجتماعية على المواقف الإيمانية. من هنا تحرص رعوية الموت، على جعل هذا الحدث، مناسبة للتقرب من عائلة الفقيد ولقائها، للإضاءة على معنى الحياة والموت من خلال كلمة الرجاء التي زوّدنا بها الرب. فيحرص الراعي على شخصنة الحدث وكل ما يرافقه دون أن يستسلم للتقاليد والعادات، ان كان اثناء التشييع او في فترة الحداد، حيث يبقى على اتصال بالمحزونين ليذكرهم بالتقاليد المسيحية العريقة وبضرورة اقامة الصلوات وقراءة الإنجيل، ومقاربة الحدث باستمرار من خلال ايماننا ومعتقداتنا.
إن الأمكنة (البيت، والكنيسة، والمقبرة) والأزمنة (قبل التشييع وبعده وخلال فترة الحداد) كلها مساحات ومجالات، للبشارة، والمرافقة والصلاة... يعرف أن تستفيد منها رعوية الموت لتلقي الضوء المسيحي على الحدث.
سادساً – أمام حدث الموت، كلّنا فقراء، وأكاد أقول، أننا بدون حيلٍ أو سلطة، من هنا يهم الكنيسة ان تظهر بمظهر العطف والحنان والقرب من جميع المحزونين. كما أنها تبدي لهم في فترة الحداد روح التضامن والصداقة والحُسنى. فهي تعرف قبل غيرها أن الميت الحقيقي ليس من يختفي عن الأنظار بل من يغيب ذكراه. وإن المحزون الحقيقي هو الذي تنساه الجماعة، لذلك تراها دائماً بالقرب من الجميع وحاضرة الى الجميع علّها بذلك تعوّض عن فقدان العزيز الغالي. هذا الحضور والرفض للنسيان، يعبّر عنه الطقس البيزنطي بعبقرية نادرة، إذ ينهي دائماً صلواته الجنائزية بصرخة ايمانية فريدة، ويردد على لسان الجماعة الحاضرة : فليكن ذكره مؤبداً، إنها صرخة الرجاء الكبرى أمام الحدث الأكبر، أمام الموت....
خاتمة :
يبقى أن نشير أخيراً أن مرافقة موتانا ومؤاساة عائلة الفقيد وكل ما ذكرناه عن رعوية الموت، كلّ ذلك لا ينتهي مطلقاً مع جناز الأربعين أو في ختام فترة الحداد. نحن نؤمن أن هناك، شركة القديسين، حيث الذكر المؤبد لموتانا.
ان شركة القديسين، والتي تتأصل في تعبير العهد الجديد، في كلمة "كونيونيا"، التي تفيد عن وحدة الإيمان في الإحتفال الإفخارستي، تعبّر أيضاً عن توحّد المسيحي بالمسيح، وعن توحّد المسيحيّين فيما بينهم.
إن القديسين الذين هم قبل كل شيء أعضاء شعب الله المقدس، يتوحدون في الروح القدس، في نعمة التبرير ، وفي المحبة كما وفي تتميم الأسرار، والإفخارستيا على رأسها. هؤلاء يصلّون بعضهم من أجل البعض، ورأس الصلاة، هو القداس الإلهي. وانسجاماً مع هذا كله، فإنّ شركة القديسين تضم أيضاً الوحدة مع من سبقنا بالموت. (راجع 2 مكابين 12/42-45).
لذلك تذّكر الكنيسة باستمرار بهذه الحقيقة، وهي في صلواتها وفي إفخارستيتها لا تنسى مطلقاً موتاها، حتى لو نسي ذلك الجميع أو تناسوا. والكنيسة التي تجتهد امام حدث الموت، بأن تظهر من خلال الكلمات والأعمال الليتورجية بأن دعوة الإنسان الأصلية إنما هي دعوة للحياة الجديدة المهيأة له ولكلّ البشرية بفضل فصح المسيح، تحرص دائماً أن تعيش في الرجاء.
والكنيسة العائشة.في الرجاء والشاهد على مواعيد الله التي لا ُتخيِِب ، لا تبرح تردّد من خلال صلواتها التي هي لبّ رعوية الموت وعلى الرغم من هول الموت ووحشته.

طاب جُرح الموتِ لما ربُ الموتِ ذاقَ الطعما ..... آمين

المطران شكرالله نبيل الحاج
ندوة في جامعة سيدة اللويزة
في 26/10/2007
..............................

4. شرح أيقونة القيامة
المسيح قام حقاً قام
عرَف يسوع عن نفسه انه سيد الحياة، ورأيناه يقيم موتى، ويشفي مرضى ومخلعين، أقام ليعازر من بين الأموات، كان مصدر قوة وتعزية لكثيرين. تجلى، كشف عن طبيعته الإلهية لبرهة وأفاض نوراً. دخل أورشليم كملك والجميع صرخوا اوصنا، الجميع طرحوا ثيابهم أمامه، ورمي الثياب يعني أنه الملك الآتي. دخل الرب أورشليم كملك، أما العرش فكان الصليب.، وأين؟ بين الأثمة والمجرمين. هناك، خارج اسوار المدينة حيث كانت تحرق ذبائح التطهير. وكل من يمسَها يتدنس الا أن ينضح بالزوفى فيطهر. أُنزل عن الصليب، ووضع في قبر، ولكن إذا توقفنا هنا، نكون أتعس التعساء، ونكون أناساً مطروحين لا رجاء لهم، وهذا ما حصل مع تلميذيّ عماوس، فقدا الرجاء ووقعا في الهروب واليأس.
فأتاهما السيد ليُقظهما قائلاً : أنسيتما القيامة، أنسيتما أن الموت انهزم والمسيح قام.
فأسرعوا يا سامعين، وبشّروا بالآتي، لقد انتصر المسيح على الموت، والفردوس فُتح لمن يشتهونه. انشقّ حجاب الهيكل فليعلم الجميع أن المسافات أُلغيت بالمسيح يسوع الذي هو قدس الأقداس، وبتنا جميعاً قائمين به، وليس من ميت إلاّ الذي لم يُولد المسيح في قلبه وبالتالي لم يقم بعد.
نعم هذا هو إلهنا، إله الأحياء به، إله الحياة الأبدية وليس إله الحياة الترابية. فأين غلبتك يا موت؟ وأين شوكتك يا جحيم؟
لقد قام المسيح وأقامنا معه، حمل بكلتا يديه البشرية الساقطة وأصعدها معه إلى السماوات، طبعاً للذين عندهم الإرادة الصالحة.
وها هو اليوم يصرخ في أعماق نفوسنا قائلاً : لا تقل فقط يا إنسان إنك من التراب وإلى التراب تعود، بل قل أيضاً إنك من الله وإلى الله تعود.

الأب أثناسيوس شهوان
جامعة سيدة اللويزة
26/10/2007
................................
5. كلمة الاباتي سمعان ابو عبدو الرئيس العام للرهبانية المارونية المريمية
الموتُ: "مُعضِلَةٌ، رؤْيَةٌ، مُمارسَة"
جامعةُ سيّدة اللويزة- 26 ت1 2007

لا شكَّ في أَنَّ للموتِ حَسْرةً بَشَرِيَّةً لا نَسْتَطيعُ حِيالَها أَنْ نَحْبِسَ الدموعَ في العيونِ. نحنُ نبكي، الكُلُّ يبكي حتّى إِنَّ المسيحَ بَكى وذَرَفَتْ عيناهُ دَمْعاً وحسرة. (لو19/41 ).
أَمَّا، علامَ نبكي؟ ولماذا نبكي كُلَّما حَصَلَ فِعْلُ مَوْتٍ؟ فهناك أكثَرُ من سَبَبٍ وجوابٍ: أحياناً نبكي تحسُّراً أو فُقداناً. وأحياناً نبكي ألَماً وضُعفاً، شوقاً وحُبّاً. لأنَّهُ بِفِعْلِ الموتِ وانفِصالِ النَّفسِ عنِ الجَسَدِ يَتِمُّ الفراقُ البشريُّ. أمّا السَّبَبُ الأكبرُ لبُكائِنا فَيَكْمُنُ في السّؤالِ الكبيرِ الذي غالِباً ما يَسْكُنُ أعماقَنا ولا نُجاهِرُ بِهِ: إلى أَيْنَ تَذْهَبُ هذهِ النَّفسُ. وَهُنا نبكي إمّا خوفاً على هذهِ النفسِ، التي نحبُّ صاحِبَها، من نارِ الجحيم، وإمّا لأَنَّنا نَجْهَلُ فِعْلاً مصيرَها، وهذا ما يَعْكِسُ قِلَّةَ إيمانِنا ورجائِنا وعدمَ قناعَتِنا بالخلودِ والقيامة.
عِندما كنتُ صغيراً، كنتُ أتساءَلُ، كما أَتساءَلُ اليومَ: لماذا نحنُ نُصلّي مِن أجلِ موتانا؟ ولماذا نطلبُ إلى اللهِ قائلينَ: "الراحةَ الدائِمةَ أَعْطِهِمْ يا ربُّ، ونورُكَ الأزليُّ فليضِىء لَهُمْ". لماذا ندعو لهم لكي يستريحوا بسلام؟
في عيدِ تذكارِ الموتى الذي نحتَفِلُ به كُلَّ عامٍ، تعودُ إلى أَذْهانِنا الحقائِقُ الأَساسيَّةُ المرتبِطَةُ بالحياةِ والموتِ، بالخلاصِ والهلاكِ في ضَوْءِ الإيمانِ. تُرى، هل هي مأساةٌ تقضُّ مضجَعَ الإنسانِ؟
إِنَّ الإنسانَ، في محنَتِهِ، يَجِدُ في قيامةِ المسيحِ نوراً جديداً يُساعِدُهُ على شَقِّ طريقٍ وَسَطَ الظّلامِ الكثيفِ، ظلامِ الشكِ والفَشلِ، الألمِ والمرضِ. وهنا نسأَلُ: هل هناكَ اسْتعدادٌ لملاقاةِ المَوتِ ومشاهَدَةِ وَجْهِ الربِّ؟
هلِ المُشْكِلَةُ هي في اِلتِزامِنا الإِنسانيِّ تجاهَ ذواتِنا وتجاهَ الآخرِ، حتّى لا نَسْمَعَ هذا التّأكيدَ الإنجيليَّ: "إِنْ كانوا لا يسمعونَ لموسى والأنبياءِ، ولا إِنْ قامَ أَحَدُ الموتى يصدِّقوه" (لو16/31).
وهنا يحضُرُنا سؤالٌ جديدٌ: تُرى ما هو هذا الشخصُ الإِنسانيُّ؟ ما سِرُّهُ؟ وما حكايتُه مَعَ الموتِ؟
إِنَّ الشخصَ الإِنسانيَّ ثُنائِيٌّ في مقوِّماتِهِ، هو امتدادٌ إلى أعماقِ الأرضِ بجذورهِ الماديَّةِ الكثيفَةِ، وهو امتدادٌ إلى فَضاءِ السَّماءِ بأغصانِهِ الروحيَّةِ رافِعَةً إيّاهُ إلى اللاّنهايةِ في الكمالِ والخلودِ.
إِنَّ عالَمَنا يعيشُ اليومَ صراعاً عَنيفاً قائماً بينَ تجسيدِ الرّوحِ وَرَوْحَنةِ الجسَدِ. وهُمْ كُثُرٌ أولئِكَ الذينَ لا يؤمنونَ إلاّ بالوجودِ المرئِيِّ، معَ أَنَّ اللاّمرئيَّ يُقَيِّمُ المرئِيَّ وَيُحييهِ، فيبقى في مرحلةٍ احتضاريَّةٍ يكتنِفُها الحيرَةُ والقلقُ والتشاؤمُ أحياناً، إلى أَنْ يحدِّدَ مصيرَهُ بِيَدِهِ بإِعطاءِ الأَولويَّةِ للرّوحِ.
جاءَ في العهدِ القديمِ، وفي سِفْرِ التكوينِ تحديداً: "وجبلَ الرَّبُّ الإلَهُ الإنسانَ تُراباً من الأرضِ وَنَفَخَ في أَنفِهِ نَسْمَةَ حَياةٍ" (تك 2/7).
أنَّ نسمةَ الحياةِ الوارِدَةَ في النّصِّ، هي ما نُسَمّيهِ مبدأََ حياةٍ أَو النَّفْسَ.
ونقرأُ في السِّفْرِ نَفْسِهِ إِنَّ اللهَ خَلَقَ الإنسانَ على صورتِهِ: "لِنَصنَعِ الانسانَ على صورَتِنا كمثَالِنا" (تك1/26-27). فإذا كانَ الإنسانُ على صورةِ اللهِ، فينبغي أَنْ يكونَ وَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَهُما الروحَ، إِذْ إِنَّ الروحَ مَحْضٌ، فلا بُدَّ أن يكونَ الإنسانُ إذاً روحاً على صورةِ اللهِ. ولأنَّ روحَ اللهِ بسيطٌ، غيرُ مُرَكَّبٍ، قائمٌ بذاتِه، خالدٌ، لا يعتريه إعلالٌ ولا فناء، فَنَفَسُ الانسانِ إذاً على شاكلةِ روحِ اللهِ خالدةٌ.
وَيُذَكِّرُ سِفْرُ الجامعةِ الإنسانَ بواجِبِ الّتقوى في أَيَّامِ الشّبابِ قبلَ أََنْ يَدْهَمَهُ الموتُ، ثُمَّ يخلُصُ إلى القَوْلِ: "فيعودُ التّرابُ إلى الأرضِ حيثُ كانَ ويعودُ الروحُ إلى اللهِ الذي وهبَهُ" (جا 12/7). فَسِفْرُ الجامعةِ يؤكِّدُ إذنْ أَنَّ في الإنسانِ عُنْصُرَيْنِ مُتَمَيِّزَيْنِ: عُنصراً مادّياً وعُنصراً روحيّاً أو لا مادِّياً. فبإِمكانِ الإنسانِ إِذَنْ أَنْ يُتابِعَ الحياةَ بعدَ الموتِ.
وفي العهدِ الجديدِ، يقولُ المسيحُ لتلاميذِهِ: "لا تخافوا ممَّنْ يَقْتُلُ الجسَدَ ولا يستطيعُ أَنْ يَقْتُلَ النَّفْسَ، بلْ خافوا مِمَّنْ يَقدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفسَ والجَسَدَ في جَهَنَّمَ" (متى 10/28). فالسّيِّدُ المسيحُ يميِّزُ إذنْ وبصَراحَةٍ أنَّ في الإنسانِ، عُنْصُرَي الجَسدِ والرّوحِ.
وحينَ يتكلَّمُ لوقا على قيامةِ ابنةِ يائيرس يقولُ: "أَمْسَكَ يسوعُ بِيَدِها ونادى قائِلاً: "يا صبيَّةُ قومي، فَرَجِعَتْ روحُها وقامتْ في الحالِ، فأَمَرَ بأَنْ تُعطى طعاماً" (لو 8/55). فلوقا يُشيرُ إذَنْ إلى أَنَّ الرّوحَ- العُنْصُرَ الكِيانِيَّ المُتميِّزَ عن الجَسَدِ- عادَتْ إلى الصبيَّةِ، بأَمْرٍ من الرَّبِّ.
ونقرأُ في الإِنجيلِ أيضاً: "الحقَّ أقولُ لكَ إِنَّكَ اليومَ تكونُ معي في الفِرْدَوْسِ" (لو 23/43). إِنَّ جَسَدَ اللّصِّ يموتُ بعدَ قليلٍ من الزَّمَنِ، ومعَ ذلك فإنَّ يسوعَ يؤكِّدُ له بأنَّهُ سيحيا مَعَهُ في الفِرْدَوْسِ. فَنَفْسُ هذا اللّصِّ إذاً، وعلى الرَّغْمِ من انْحِلالِ جَسَدِها، بمقدورِها أَنْ تُتابِعَ الحياةَ وتعيشَ معَ المسيحِ.
وبولُسُ يَكْتُبُ لأَهْلِ كورنتُسَ: "ونحن نَعْلَمُ أَنَّهُ إذا هُدِمَ بيتُنا الأرضيُّ، وما هو الاَّ خيمة، فَلنا في السموات مسكِنٌ من صُنعِ الله، بيتٌ أبديٌ لم تَصْنَعْهُ الأيدي"(2كو5/1). هذا البناءُ الذي شيَّدَهُ اللهُ، والذي لم تَصْنَعْهُ الأيدي هو عُنْصُرٌ حياتيٌّ غيرُ الجَسَدِ-بيتِ المَسْكِنِ الأرضيِّ- الذي يُنْقَضُ ويعودُ إلى التُّرابِ.
وَبَعْدَ، فَإِنَّ الإنسانَ حُرٌّ، والحريَّةُ وحدَها تجعَلُ الإِنسانَ كائناً أدبيّاً مسؤولاً وجديراً بالتّقديرِ والثّناءِ في حالِ قيامِهِ بالواجِبِ والرّسالةِ والمتاجَرَةِ بالوَزْناتِ المُعْطاةِ لَهُ، أو مستحقّاً الخِزْيَ والعارَ في حالِ المخالفةِ والتمرُّدِ والبُعدِ عن اللهِ.
وردَ في سِفرِ تثنِيَةِ الاشتراعِ ما يلي: "إِنّي أَشْهَدْتُ عليكُمُ اليومَ السَّماءَ والأرضَ بأَنّي قد جَعَلْتُ بينَ أيْديكم الحياةََ والموتَ، البَرَكَةَ واللّعْنَةَ، فاخْتَرْ أَيُّها الإنسانُ الحياةَ لكي تَحْيا أََنْتَ وَذُرِّيَتُكَ" (3/1).
وفي العَهْدِ الجديدِ قالَ يسوعُ للشابِّ الغَنيِّ "إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلُ الحياةَ فاحْفَظِ الوصايا" (متى 19/17). الإنسانُ مُقَدَّرٌ له الاختيارُ، واللهُ سَيُحاسِبُهُ بموجَبِ اختيارِهِ. وَكُلُّ شَيْءٍ سَيَتَغَيَّرُ وَيَنْقَلِبُ إِذا حَمَلَ الإنسانُ في قَلْبِهِ أَمَلَ الخُلودِ، والخلودُ هو للنَّفْسِ بعدَ الموتِ دوامُ الحياةِ لها. ولا يُعطى الجزاءُ الخالِدُ إلاّ لمَنْ كانَ خالِداً. وفي كُلِّ الأحوالِ، فإِنَّ الإنسانَ سَيُجزى بجزاءٍ خالِدٍ في النَّعيم أو في الجحيم.
وماأَكْثَرَ أقوالَ الإنجيلِ في هذا الإطارِ:
"من أْكَلَ جَسدي وَشَرِبَ دمي، فلهُ الحياةُ الأبديَّةُ" (يو 6/54). "لأنَّ الذي يُريدُ أن يُخَلِّصَ حَيَاتَهُ يَفقِدُها، وأمَّا الذي يَفقِدُ حَيَاتَهُ في سبيلي فإنَّه يَجِدُها" (لو16/25). "فَيَذْهَبُ الأشرارُ إلى العذابِ الأبديِّ، والأبرارُ إلى الحياةِ الأبديَّةِ" (متى 25/46).
إِنَّ اللهَ خلقَ كُلَّ شَيْءٍ لمجدِهِ وتمجيدِه، لكنَّ الإنسانَ العاقِلَ الحُرَّ هو الكائِنُ الوحيدُ الذي بمقدورِهِ في هذا العالَمِ أن يمجِّدَ اللهَ بمعرفَةٍ وحرّيَّةٍ، حيثُ نُدْرِكُ أَنَّ اللهَ لا يُفْني النّفْسَ البشرِيَّةَ، إِذ إِنَّ عَمَلاً كهذا يُعاكِسُ حِكْمتَهُ وصلاحَهُ وصدقَهُ وعدالَتَهُ.
ختاماً، وبناءً على ما تقدَّم، وعوداً على بدءِ، نَفْهَمُ أَنَّ مُعْضِلَةَ المَوْتِ تنكَشِفُ وَتَسْقُطُ إذا ما كانَت حياتُنا رؤيويَّةً بِحَيْثُ نرى آخِرَها وَنَحْنُ بَعْدُ في أَوَّلِها. ويصبِحُ الموتُ أمراً طبيعيّاً سَهْلاً تَقَبُّلُهُ إذا ما مارَسْناهُ ونحنُ أحياء، أيْ إِذا ما عِشْنا حَياتَنا وَمَوْتَنا في آنٍ مَعاً.
حَسْبُنا أن نكونَ مستعدِّينَ في حياتنا على الارضِ، وفي نورِ قيامةِ المسيح، لبلوغِ اللقاءِ والقيامةِ. تتمة...